قلت: في سنده قابوس بن أبي ظبيان قال النسائي: «ليس بالقوي».
وقال ابن حبان:«ردئ الحفظ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له».
قلت: وهذا من روايته عن أبيه، فلا يحتج به، ولعل تحسين الترمذي لحديثه هذا إنما هو باعتبار شواهده، فإن معناه ثابت في الاحاديث الصحيحة وقد مضى قريبا ذكر قسم طيب منها، إلا أن قوله:«فأقبل عليهم بوجهه» منكر لتفرد هذا الضعيف به.
إذا عرفت هذا، فقد قال الشيخ علي القاري في «مرقاة المفاتيح»«٢/ ٤٠٧»: «فيه دلالة على أن المستحب في حال السلام على الميت أن يكون وجهه لوجه الميت وأن يستمر كذلك في الدعاء أيضا، وعليه عمل عامة المسلمين، خلافا لما قاله ابن حجر من أن السنة عندنا أنه في حالة الدعاء يستقبل القبلة كما علم من أحاديث أخر في مطلق الدعاء».
قلت: وفي هذا الاستدلال نظر ظاهر، إذ ليس في الحديث إلا إقباله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه على القبور، وأما الإقبال على وجوه الموتى، فشئ آخر وهو يحتاج إلى نص آخر غير هذا، وهو مما لا أعرفه.
فالحق أن الحديث لو ثبت سنده لكان دليلا واضحا على أن المار بالقبور يستقبلها بوجهه حين السلام عليها والدعاء لها، كيفما كان الاستقبال، وحسبما يتفق دون قصد لوجوه الموتى، أما والسند ضعيف كما سبق بيانه فلا يصلح للاستدلال به أصلا.
ولا ينافي ما تقدم عن الإمام مالك من عدم مشروعية استقبال الحجرة عند الدعاء الحكاية التي جاء فيها أن مالكا لما سأله المنصور العباسي عن استقبال الحجرة، أمره بذلك، وقال: هو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم، لأنها حكاية باطلة، مكذوبة على مالك، وليس لها إسناد معروف، ثم هي خلاف الثابت المنقول عنه بأسانيد الثقات في كتب أصحابه كما ذكره إسماعيل في إسحاق القاضي وغيره.
ومثلها ما ذكروا عنه أنه سئل عن أقوام يطيلون القيام مستقبلي الحجرة يدعون