للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج ابن سعد عن مورق قال: أوصى بريدة أن تجعل في قبره جريدتان».

قلت: ووجه عدم المنافاة، أنه ليس في هذين الاثرين - على فرض التسليم بثبوتهما معا - مشروعية وضع الجريد عند زيارة القبور، الذي ادعينا بدعيتة عدم عمل السلف به، وغاية ما فيهما جعل الجريدتين مع الميت في قبره، وهي قضية أخرى، وإن كانت كالتي قبلها في عدم المشروعية لان الحديث الذي رواه أبو برزة كغيره من الصحابة لا يدل على ذلك، لا سيما والحديث فيه وضع جريدة واحدة، وهو أوصى بوضع جريدتين في قبره على أن الاثر لا يصح إسناده، فقد أخرجه الخطيب في تاريخ «بغداد» «١/ ١٨٣ - ١٨٢» ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» في آخر ترجمة نضلة بن عبيد بن أبي برزة الاسلمي عن الشاه بن عمار قال: ثنا أبو صالح سليمان بن صالح الليثي قال: أنبأنا النضر بن المنذز بن ثعلبة العبدي عن حماد بن سلمة به.

قلت: فهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: جهالة الشاه والنضر فإني لم أجد لهما ترجمة.

والأخرى: عنعنة قتادة فإنهم لم يذكروا له رواية عن أبي برزة، ثم هو مذكور بالتدليس فيخشى من عنعنته في مثل إسناده هذا.

وأما وصية بريدة، فهي ثابتة عنه، قال ابن سعد في «الطبقات» «ج ٧ ق ١ ص ٤»: أخبرنا عفان بن مسلم قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عاصم الأحول قال: قال مورق: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان.

فكان أن مات بأدنى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار.

وهذا سند صحيح، وعلقه البخاري «٣/ ١٧٣» مجزوما.

قال الحافظ في شرحه: «وكان بريدة حمل الحديث على عمومه، ولم يره خاصا بذينك الرجلين، قال ابن رشيد: ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما، فلذلك عقبه بقول ابن عمر: إنما يظله عمله».

<<  <  ج: ص:  >  >>