وأما الكتابة، فظاهر الحديث تحريمها، وهو ظاهر كلام الإمام محمد، وصرح الشافعية والحنابلة بالكراهة فقط! وقال النووي «٥/ ٢٩٨»: «قال أصحابنا: وسواء كان المكتوب على القبر في لوح عند رأسه كما جرت عادة بعض الناس، أم في غيره، فكله مكروه لعموم الحديث».
واستثنى بعض العلماء كتابة اسم الميت لا على وجه الزخرفة، بل للتعرُّف قياسا على وضع النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر على قبر عثمان بن مظعون كما تقدم في المسألة المشار إليها آنفا «ص ١٥٥». قال الشوكاني:«وهو من التخصيص بالقياس وقد قال به الجمهور، لا أنه قياس في مقابلة النص كما قال في «ضوء النهار»، ولكن الشأن في صحة هذا القياس».
والذي أراه - والله أعلم - أن القول بصحة هذا القياس على إطلاقه بعيد، والصواب تقييده بما إذا كان الحجر لا يحقق الغاية التي من أجلها وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحجر، ألا وهي التعرف عليه، وذلك بسبب كثرة القبور مثلا وكثرة الأحجار المعرفة! فحينئذ يجوز كتابة الاسم بقدر ما تتحقق به الغاية المذكورة. والله أعلم.
وأما قول الحاكم عقب الحديث:«ليس العمل عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف».
فقد رده الذهبي بقوله:«ما قلت طائلا، ولا نعلم صحابيا فعل ذلك، وإنما هو شئ أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم - ولم يبلغهم النهي».
الثاني: عن أبي سعيد وهو الخدري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبنى على القبر».
الثالث: عن أبي الهياج الأسدي قال: «قال لي علي بن أبي طالب: ألا ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا تدع تمثالا [رواية: صورة][في بيت] إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته».
قال الشوكاني رحمه الله تعالى «٤/ ٧٢» في شرح هذا الحديث:
«فيه أن السنة أن القبر لا يرفع رفعا كبيرا من غير فرق بين من كان فاضلا ومن