يدخله القبر، ولا نرى برش الماء عليه بأسا، وهو قول أبي حنيفة».
قلت: ويدل الحديث بمفهومه على جواز رفع القبر، بقدر ما يساعد عليه التراب الخارج منه، وذلك يكون نحو شبر، فهو موافق للنص المتقدم في المسألة «١٠٧» وأما التجصيص فهو من «الجص» وهو الكلس.
والمراد الطلي به قال في «القاموس»: «وجصص الاناء ملاه، والبناء طلاه بالجص».
ولعل النهي عن التجصيص من أجل أنه نوع زينة كما قال بعض المتقدمين.
وعليه فما حكم تطيين القبر؟ للعلماء فيه قولان:
الأول: الكراهة، نص عليه الامام محمد فيما نقلته آنفا عنه، والكراهة عنده للتحريم إذا أطلقت.
وبالكراهة قال أبو حفص من الحنابلة كما في «الإنصاف»«٢/ ٥٤٩» والاخر: أنه لا بأس به.
حكاه أبو داود «١٥٨» عن الامام أحمد.
وجزم به في «الإنصاف».
وحكاه الترمذي «٢/ ١٥٥» عن الامام الشافعي، قال النووي عقبه:«ولم يتعرض جمهور الأصحاب له، فالصحيح أنه لاكراهة فيه كما نص عليه، ولم يرد فيه نهي».
قلت: ولعل الصواب التفصيل على نحو ما يأتي: إن كان المقصود من التطيين المحافظة على القبر وبقائه مرفوعا قدر ما سمح به الشرع، وأن لا تنسفة الرياح ولا تبعثره الامطار، فهو جائز بدون شك لأنه يحقق غاية مشروعة.
ولعل هذا هو وجه من قال من الحنابلة أنه يستحب. وإن كان المقصود الزينة ونحوها مما لا فائدة فيه فلا يجوز لأنه محدث.