بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم.
قال: فهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهم، نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره - صلى الله عليه وسلم -، واستدل بالحديث الذي سمعه من أبيه الحسين عن جده علي.
وهو أعلم بمعناه من غيره، فتبين أن قصده أن يقصد الرجل القبر للسلام عليه ونحوه عند غير دخول المسجد، ورأى أن ذلك من الدعاء ونحوه اتخاذ له عيدا.
وكذلك ابن عمه حسن بن حسن شيخ أهل بيته كره اتخاذه عيدا.
فانظر هذه السنة كيف أن مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرب النسب وقرب الدار لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا له أضبط.
والعيد إذا جعل اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده أو لغير العبادة، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة جعلها الله عيدا مثابة للناس، يجتمعون فيها وينتابونها للدعاء والذكر والنسك.
وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها، فلما جاء الاسلام محا الله ذلك كله.
وهذا النوع من الأمكنة يدخل فيه قبور الانبياء والصالحين.
ثم قال الشيخ «ص ١٧٥ - ١٨١»: «ولهذا كره مالك رضي الله عنه وغيره من أهل العلم لاهل المدينة، كلما دخل أحدهم المسجد أن يجبئ فيسلم على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه.
قال: وإنما يكون ذلك لأحدهم إذا قدم من سفر، أو أراد سفرا ونحو ذلك، ورخص بعضهم في السلام عليه إذا دخل المسجد للصلاة ونحوها، وأما قصده دائما للصلاة والسلام فما علمت أحدا رخص به، لأن ذلك نوع من اتخاذه عيدا ..