للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: عن قزعة قال: «أردت الخروج إلى الطور فسألت ابن عمر، فقال: أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الاقصى، ودع عنك الطور فلا تأته».

وفي هذه الاحاديث تحريم السفر إلي موضع من المواضع المباركة، مثل مقابر الأنبياء والصالحين، وهي وإن كانت بلفظ النفي «لا تشد»، فالمراد النهي كما قال الحافظ، على وزن قوله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، وهو كما قال الطيبي: «هو أبلغ من صريح النهي، كأنه قال: لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به».

قلت: ومما يشهد لكون النفي هنا بمعنى النهي رواية لمسلم في الحديث الثاني: «لا تشدوا».

ثم قال الحافظ: «قوله: «إلا إلى ثلاثة مساجد»، الاستثناء مفرغ، والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها، لان المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام، ولكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا المخصوص، وهو المسجد».

قلت: وهذا الاحتمال ضعيف، والصواب التقدير الأول.

لما تقدم في حديث أبي بصرة وابن عمر من أنكار السفر إلى الطور.

ويأتى بيانه، ثم قال الحافظ: «وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد، ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الانبياء، ولان الأول، قبلة الناس، وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الامم السالفة، والثالث أسس على التقوى. «قال: »

واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتا، وإلى المواضع الفاضلة، لقصد التبرك بها، والصلاة فيها، فقال الشيخ أبو محمد الجويني «يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر الحديث»، وأشار القاضي حسين إلى اختياره، وبه قال عياض وطائفة، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار

<<  <  ج: ص:  >  >>