بالتفصيل دون مناقشة أو مجادلة، وتارة مع التفصيل مع تلقي الاعتراضات والأسئلة، ومن هذا النوع ما كان في هذه السَّفرة الأخيرة في المدينة المنورة، وقد كان في ذلك المجلس بعض أفاضل أهل العلم من الدكاترة وغيرهم من المدرسين في الجامعة الإسلامية، فلا أدري إذا كان من المفيد أن نخوض مرة أخرى في مثل هذه المسألة، وإن كانت النفس لا تنشط عادةً لتكرار ما مضى فيه البحث مرارا وتكرارا، وعلى كل حال فأنا أَكِلُ، أقول لعل عند الأخ هنا أشرطة، ومع ذلك فأنا معكم إن رأيتم أن نخوضها مرة أخرى فعلتُ إن شاء الله، وأرجو من الله التوفيق.
ترى ذلك؟
السائل: نعم جزاك الله خيرًا.
الشيخ: القضية في الواقع كما أشرت إليها في مطلع كلامك، أنها مفاجئة بالنسبة لعامة الناس -وبخاصة الذين لا يُشغلون أنفسهم بدراسة السنة- وإنما هم قد يراجعون من كتب السنة ما يوافقون فيها مذاهبهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهذا الحديث كان في الحقيقة، مع أنه قد ورد في بطون كتب السنة التي حفظها الله تبارك وتعالى لنا من باب حفظه للقرآن الكريم، كما قال عز وجل:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩]، لقد كان هذا الحديث محفوظا في كتب السنة، ولكن لما كان دراسة السنة كادت أن تُصبح نسيا منسيا في آخر الزمان هذا، ولذلك فإذا ما أثير مثل هذا الحديث المحفوظ في بطون الكتب جاء غريبا على أذهان الناس؛ وبخاصة إذا كان مخالفا لما جاء في بعض المذاهب، وما كان مخالفا لما اعتادوا عليه من العبادات، سواءً ما كان منه من السنن أو المستحبات.
ويعود عهدي للانتباه لهذا الحديث حينما كنت شرعت بتخريج كتاب «منار السبيل» في الكتاب المعروف لدى طلاب العلم اليوم «بإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل».
فقد مر هذا الحديث في ذاك الكتاب «منار السبيل» وهو في الفقه الحنبلي، فوجدت نفسي مُضْطَرَّا للعناية به، فجريت على تخريجه تخريجا علميا، كما هو ديدني بالنسبة