وجب عليه الصيام، فلا يجوز أن ينظروا إلى بلد آخر يستوون هم معهم في طلوع الفجر وفي غروب الشمس، وأنا أعتقد بتجربة خاصة من جهة أن الإنسان عنده من القدرة والطاقة إذا كان متجاوبًا مع أحكام الشريعة أن يصوم الليل والنهار وليس فقط يصوم عشرين ساعة ويفطر أربع ساعات، لا يتبع الليل والنهار، بل هَمَّ بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يواصلوا في صيام الليل بالنهار، فنهاهم الرسول عليه السلام فقالوا: يا رسول الله! إنك لتواصل، فقال:«ني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني».
فما دام أنه كان هناك أناس يصومون صيام غير شرعي وهو مواصلة الليل بالنهار، فبالأولى أن يستطيعوا هذا الصيام فيما إذا كان بلدهم بحكم الشرع يوجب عليهم أن يمسكوا عن الطعام عند طلوع الفجر وأن يفطروا عند غروب الشمس هذا ممكن، وقمت أنا بنفسي لأنكم ربما قرأتم في بعض كتبي أنني أنا صمت أربعين يومًا عن أي شيء اسمه طعام وعن أي شيء اسمه شراب إلا قطرات من ماء، تعلمون جميعًا بالنسبة لتجربة كل الأفراد أن من أكل كثيرًا شرب كثيرًا، ومن جاع ولم يأكل لا يتوق إلى الماء إلا ما ندر جدًا للمحافظة فقط على نفسه، وهكذا أنا كنت في هذه الأربعين يومًا لم يدخل جوفي إلا قليل من الماء جدًا جدًا، فكيف لا أستطيع أن أصوم ... خاصة على طريقة الإفطار التي بلينا بها اليوم، يعني: ما نخسره في النهار نضعه ... في الإفطار، فلذلك أرى خطأً فاحشًا في هذه الصورة التي فيها طلوع فجر وغروب شمس أن نحول على بلد أخرى.
أما في الصورة الأخرى التي لا نهار فيها ولا ليل .. وهذا موجود في القطب الشمالي كثيرًا، فهنا يقال: يصومون على أقرب بلد ممكن أن يقال هذا، ويمكن أن نأخذ من حديث:«يقدرون قدر ذلك» كما جاء في الحديث بالنسبة للصلوات .. لأنهم يرون النهار طويلًا طويلًا جدًا نصف سنة، ويرون الليل طويلًا طويلًا جدًا نصف سنة أخرى، فيمكن أن يقال: هؤلاء [يقدرون] الوسط مثلًا، فيصومون اثنا عشر ساعة فقط، فهذا ممكن أن يقال فيه التقدير ... على الوجه المعروف أو على هذا الوجه الجديد، أما ما دام هناك طلوع وغروب فلا يجوز.