فيقال رقم ٣، ٢، ١، .. ، ٥ .. ، ١٠ إلى آخره، هذه أمراض تُسَوِّغ لمن أُصِيب بشيء منها أن يُفْطر؛ لأنه يكون مريضاً، والأمراض الأخرى ولو أنها أمراض فمن أصيب بشيء منها لا يسوغ له ولا يجوز أن يفطر في رمضان، لا شيء من هذا أبداً، وكما تعلمون بنفس السياق {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: ١٨٣]{أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}[البقرة: ١٨٤] في الأخير يقول ربنا عز وجل {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة: ١٨٥]{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}.
فلو أن الله عز وجل حَدَّد مسافة السفر لوقع الناس في حرج، وبخاصة في الأزمنة الأولى؛ حيث لم تكن هناك الأراضي مخططة من مدينة كذا إلى مدينة كذا في كذا كيلومتر، لم يكن هناك شيء إطلاقاً.
فلو أن الله عز وجل حَدَّد مسافة السفر لوقع الناس في حرج ولأصابهم العنت والله عز وجل تفضّل على عباده حيث كان يستطيع أن يحقق مشيئة من مشيآته كما قال عز وجل {وَلَوْ شَاء اللهُ لأعْنَتَكُمْ} لكن هل شاء الله أن يعنتنا؟ لا قال:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
إذاً: لأن هذا الدين الذي اصطفاه الله عز وجل للعالمين، واصطفى لتبليغه سيد المرسلين، بُنِي على قاعدة {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ما جعل علينا من عنت.
فلو أنه كلفنا لو أراد خاصة العرب الأولين وبصورة أخص منهم البدو الذين يعيشون في الصحارى وأرض الله واسعة يريد أن ينتقل من مخيم إلى مخيم ومن قبيلة إلى قبيلة، كيف يريد أن يعرف ما هي المسافة بين هذا المكان وهذا المكان؟ لا، لذلك يرجع إلى العرف .. عرف الأقوام الذين يعيشون في الصحراء، عرف هؤلاء الأقوام الذين يعيشون في المدن والقرى، فما حَكَم العرف أن هذه المسافة التي يقطعها هو سفر فهو سفر وما لا فلا، كذلك المرض تماماً؛ من أجل هذا ربطت أنا المسألة مسألة السفر بالمرض؛ لأن الله عز وجل جمع بينهما في الآية السابقة.