مداخلة: هنا التأويل بمعنى الشرح، وليس بمعنى التعطيل!
الشيخ: أي نعم.
«كية وكيتان» إما أن يكون مكسبه غير حلال، وإما أن يكون عليه دين ما وَفَّاه، وترك هذا ولم يقدمه وفاء عن دينه، وإلا لا يمكن أن يفهم من الحديث كما يتبادر للذهن؛ لأننا نقول دائماً وأبداً النصوص يجب أن تجمع وتُفسر على ضوء الجمع.
معلوم شرعاً على طريقة القطع واليقين، أن ادّخار المال إذا أخرج منه الزكاة، فالمال الذي يُخْرِج منه زكاته، وتخرج منه حقوق الناس فيه، فهو ليس بكنز.
وعلى العكس من ذلك، إذا كنز المال، ولم يُؤَدّ حقه إلى الناس، فهو كنز يُعَذّب به يوم القيامة.
فإذا جاء مثل هذا الحديث، فلا يجوز أن يُفهم لمجرد أنه ترك درهمين، بل ولو دينارين، أنه يُكْوى بذلك.
لكن الكي هذا يكون بسبب إخلاله بطريقة من طرق الإخلال في هذا المال، كأن يكون المكتسب من غير طريق شرعي، كأن يكون كما قلنا آنفاً لم يؤد ما عليه من حق ومن دين.
والآن أقول استيحاءً من كلامي السابق: أنه يكون ما أدى الزكاة, فهو ادّخره دون أن يُؤَدِّي زكاة ماله.
يعني: لا بد من تطريق احتمال من هذه الاحتمالات، لكي لا يُفْهَم فهماً يصدم الآيات والأحاديث التي يدل مجموعها على أنه يجوز كنز المال، لكن بشرط إخراج حقه، فالمال المكتنز إذا أُدي زكاته فليس بكنز، والعكس بالعكس.
فهذا الذي مات وخلف ديناراً أو دينارين، أو درهماً أو درهمين، وقال: كية أو كيتين، حقيقة أنه يوجد بعض الناس من القدامى الزهاد فهموا منه، أنه الإنسان لا يجوز أنه يدخر ولا درهم.