الدماء وفي الفروج، ألا وهو الحرمة، وأنه لا يجوز إيجاب شيء من هذه الأمور الثلاثة إلا بنص من كتاب الله أو من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بإجماع متيقن من علماء الأمة، وفيما علمتُ واطَّلعت عليه ووقفتُ، لم أجد دليلاً مما يعود إلى هذه المصادر الثلاثة، على ما ذهب إليه أكثر العلماء من الفقهاء المتقدمين والمتأخرين، من إيجاب الزكاة على عروض التجارة بالشرطين المذكورين آنفاً في سؤالك، ألا وهو أن يبلغ النصاب أولاً، ثم أن يحول عليه الحول ثانياً، وشيء ثالث يقولونه: إنه إذا تَحَقَّق هذان الشرطان في شيء من عروض التجارة، فلا بد من تقويم هذه العروض في آخر كل سنة بعد أن يحول الحول، فبعد التقويم يُخْرج من القيمة المقدرة بالمائة اثنين ونصف، كما هو الشأن في زكاة النقدين.
مثل هذا التفصيل، لم نجده منصوصاً -كما ذكرنا آنفاً- في الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وإذا كان الأصل ما ذكرنا، فنحن موقفنا موقف المنع من أن يُفْرض زكاة على أموال التجارة بكيفية وتقييد لم يرد لهما ذكر في مصدر من تلك المصادر.
لكن لا يخفى على كل باحث أو عالم، أن هناك نصوصاً عامة تأمر بإخراج الزكاة، وبتطهير النفوس بإخراج الزكاة، نصوصاً عامة.
ثم هناك نصوص خاصة بَيَّنت ما هي الأشياء التي يجب عليها الزكاة، وما هي المقادير التي تجب، سواءً ما كان منها متعلقاً بالنقدين كما سبقت الإشارة سابقاً، أو ما كان منها متعلقاً ببعض الحيوانات الأهلية كالغنم والإبل، أو كان متعلقاً ببعض الثمار، ونحو ذلك.
هناك نصوص تتعلق ببيان ما يجب على هذه الأنواع، فنحن نقول: نلتزم هذه النصوص ونُنَفِّذها، ولا نزيد عليها استعمالاً للنظر أو القياس؛ لأن هناك ما يمنع منه ألا وهو ذاك الأصل الذي قَدَّمت ذكره في مطلع هذه الكلمة، لاسيما وقد جاء في بعض الأحاديث ما يؤكد هذا الأصل، كمثل حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه حينما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن داعيةً ومبشراً ومعلماً، قال له عليه