فما الحكمة من أن الله شرع على لسان نبيه أن هذا النوع من الزكاة يُجْبَى من موظفين، ولهم نصاب معروف في الزكوات، بينما جعل زكاة النقدين يكلف فيها الغني نفسه، فقد يخرج وقد لا يخرج كما هو مشاهد اليوم، كثير من الأغنياء لا يخرجون زكاة أموالهم، بل يصرفون أضعاف أضعافها بل فيما لا ينبغي، بل فيما لا يجوز، بل فيما يَحْرُم.
الحكمة واضحة جداً؛ لأنه لم يُرد رب العالمين أن يجعل كل حكم يقوم به المسلم رغم أنفه، ولكن يريد أن يتطهر هو بنفسه، ولذلك كان من الحكمة البالغة أن جعل زكاة النقدين يخرجها بطواعية من نفسه، بينما الزكاة الأخرى تؤخذ منه رغم أنفه.
فعلى هذا يصلح أن يكون جواباً على ما سألت، يعني هو يتقي الله عز وجل وليس لنا سبيل أن نفرض نحن من عندنا سواء كنا من ولاة الأمور أي الحكام، أو من ولاة الأمور بمعنى العلماء، ليس لنا أن نفرض عليه فرضاً فيما لم يفرض رب العالمين، وهذا من هذا النوع، فأنت تخرج زكاة النقدين بطيب نفسك، ويجب أن تعلم ماذا يجب عليك، كذلك تماماً مسألة عروض التجارة، فهذا المسلم يدان ويقال له: لا يستوي من عنده عشرة آلاف لمن عنده مائة ألف، لمن عندهم ملايين، فاتق الله عز وجل، وكما قال عليه السلام وهذا أعتقد محله في هذه المسألة:«استفت قلبك، وإن أفتاك المفتون».
مداخلة: طيب يا شيخ حديث أبو داود عن سمرة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعدّه للبيع.
الشيخ: أي نعم، هذا حديث من نصيب «ضعيف أبي داود» وفي سنده جهاله، فلا تقوم به حجة.
ولا شك أن السنة العملية: أن الأغنياء ما كانوا يخرجون زكاة أموالهم على هذا التفصيل الذي سبق شرحه آنفاً، فالحديث مع ضعف إسناده، يخالف السنة العملية