للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر بن عبد العزيز أنه لم يكن هناك فقراء، ولكن ما نراه الآن أنه على رغم من ثراء الدولة، وعلى رغم من وجود بترول فهناك فقراء.

الشيخ: في اعتقادي أن البحث الفقهي لا ينبغي أن يُعالج على ضوء واقع من شخص أو حكومة، وإنما يُبْحَث عارياً عن أيّ انتساب لشخص أو دولة، فالحكم في هذه المسألة هو كما قلت آنفاً: جواباً مختصراً، لكن هذا التفصيل الذي أنت شرحته -آنفاً- يقتضيني أن أدخل أنا بدوري في شيء من التفصيل، ليس هناك في الإسلام الصحيح المستقى من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما كان عليه سلفنا الصالح، ليس هناك شيء اسمه أملاك دولة، وإنما الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام: «الأرض أرض الله، والبلاد بلاد الله، فمن أحيا أرضاً مواتاً فهي له» فقوله عليه السلام: «من أحيا أرضاً مواتاً فهي له» يبطل ما يسمى اليوم في كثير من الدول العربية، بأملاك الدولة.

اللهم إلا إذا اعتبرنا الدولة شخصاً وهمياً معنوياً، فتضع يدها على بعض البلاد والأرض، لمصلحة الأمة لا لمصلحة بعض الأفراد، فهي تكون ملكاً لها بشرط أن تبادر إلى إحيائها، أما إذا وضعت علامات في الخرائط الرسمية عندها: أنه القطعة الفلاني ممتدة من حدود كذا إلى حدود كذا شرقاً وشمالاً وجنوباً .. إلخ، ثم عاشت هذه الأراضي بوراً، فهي ليست أملاك دولة، ويحق لأي فرد من أفراد المسلمين أن يحيى ما شاء منها.

فالدولة إذاً: هنا كشخص معنوي كما قلت، إذا أحيت أرضاً من هذه الأراضي فهي حكمها حكم أي فرد من أفراد الأمة، أما أن تُحَدّدها وأن تُعَطِّلها فذلك ليس إحياء، فيجوز لأي فرد حينذاك أن يأتي إلى أيِّ مكان من أيِّ أرض أن يحييها.

وطريقة الإحياء لا تخفى على الجميع أنها ليست بالزرع وبنضح الماء أو جلبه إليها، وإنما يكون باستخراج ما فيها أيضاً، في باطنها من المعادن، لهذا أنا قلت: الحكم واحد، لا يجوز للدولة أن تضع يدها على أرض مملوكة بزعم أن فيها خيرات، والدولة بحاجة إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>