فمن هنا يجب أن نفرق بين الأرض المملوكة، فلا يجوز للدولة أن تضع يدها إلا في ظروف نادرة جداً جداً، وتأخذها بثمنها.
وهذا مما يحسن ذكره: أن الدولة السعودية تطبق هذا الإنفاق بسخاء على كثير من الأراضي، بل والعقارات التي تضع يدها عليها، فإنها تُعَوِّض مالكيها بمثل أو بأحسن من ثمن المثل، ولكن المصادرة هذه خلاف الأصل.
فإذا فرضنا أن إنساناً عنده أرض ورثها من آبائه وأجداده، فأراد أن يستثمرها، فحفر فيها بئراً، يقصد أن ينضح منها ماء، وإذا بالبئر بئر بترول، هنا الآن النظام الاشتراكي الذي انغَشَّ به بعض الدعاة الإسلاميين، وألَّفوا أكثر من كتاب واحد فيما علمت بعنوان:«الإشتراكية الإسلامية» وأباحوا في مثل هذه الكتب للدولة أن تضع يدها على مثل هذه الأرض التي نضح منها مالكها بديل الماء بترولها، هذا لا يجوز؛ لأنها خلاف الشرع، كأي مصادرة لمال المسلم ولكل ما يملكه.
ومن أشهر الكُتَّاب الإسلاميين الذين سلكوا سبيل الإشتراكيين في مثل هذه القضية أي: تجويز استملاك الدولة لبعض الأراضي المملوكة، لأن فيها معدن أو فيها بترول، هو الكاتب المشهور المعروف «بمالك بن نبي» ثم جاء من بعده الشيخ «مصطفى السباعي» رحمهم الله جميعاً، ألف رسالته أو كتاب:«الإشتراكية الإسلامية» ونحى هذا المنحى.
وهذا في الواقع أثر من آثار ما نأخذه على كثير من الجماعات الإسلامية الحزبية، فضلاً عن بعض الكُتَّاب المعاصرين الذين ينطلقون في فقههم من قاعدة يتبرأ منها الإسلام براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وهي قول الكفار:«الأصل الغاية تبرر الوسيلة».
فبهذه القاعدة الباطلة يُشَرِّعون للناس رُؤَىً كثيرة وكثيرة جداً، هي مخالفة للأحكام الإسلامية، منها ما كنا في صدده آنفاً، أنهم يُسَوِّغون أن يمتلكوا أراضي مملوكة، وليست محياة فقط، بل مملوكة بطريقة مشروعة، كالإرث والبيع والشراء ونحو ذلك، التوسع في هذا الموضوع هو من مشاكل واقع العالم الإسلامي اليوم.