الزكاة المفروضة على ما تُنْبت الأرض بأنواع أربعة، كما جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه حينما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فقال له عليه الصلاة والسلام:«لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة»، فذكر عليه الصلاة والسلام:«الحِنْطة والشعير والتمر والزبيب».
إذاً: خرج بهذا الحصر كثير مما تنبت الأرض منه، مثلاً الذرة، وقس على ذلك الخضروات، كما ذكرنا آنفاً.
صحيح -كما أيضاً أشرت سابقاً- أن هناك بعض الأمور اختلف الفقهاء، لكن الخُضَر التي لا تُدَّخر فهذه قد اتفقوا، على الأقل المذاهب الأربعة، على أنه لا تجب الزكاة عليها.
فإذا أُخِذَت القضية بالرأي، فنخن نجد -مثلاً- الفوارق التالية: من كان عنده مائتا درهم فضة: وجب عليه الزكاة، عنده عشرون مثقال من الذهب: وجب عليه الزكاة، عنده خمس رؤوس من الإبل: وجب عليها الزكاة، عنده أربعون رأس من الغنم: وجب عليه الزكاة، فهل قيم هذه الأمور التي فُرِضَ عليها الزكاة متساوية؟ الجواب: لا، فأين قيمة الفضة لو كان هناك -مثلاً- عملة فِضِّية يتعاملها الناس اليوم من قيمة الذهب.
فلو استعملنا الرأي لقلنا ما في عدل هنا، في عشرين مثقال، عشرين دينار، يساوى اليوم تقريباً عشر جنيهات ذهبيه سعودية أو إنجليزية، بينما مائتا درهم فضية -ما أدرى على الضبط- لكن لا يساوى إلا نزرًا قليلاً من هذه القيمة، فلو أننا حكمنا الرأي لأصاب شريعة الإسلام ما أصاب اليهود والنصارى من تحريف خطير في دينهم.
ولذلك كان من الواجب علينا أن نقف عند حدود الشرع، ولا نتعداها، لقوله عزّ وجلّ:{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا}[البقرة: ٢٢٩].
هذا الرجل وأمثاله كثير، ممن يناقش الأحكام الشرعية -وبخاصة- إذا كان فيها اختلاف بين الفقهاء، فالراجح عنده ما حكم به عقله ورأيه.