والآن نحن نقول: يتوهم هذا الرجل وأمثاله، أن الشارع الحكيم حينما لم يفرض الزكاة على عروض التجارة، وفرضها على خمسة أوسق -مثلا- من القمح والشعير، أخذ المسألة بعقله، وهو -بلا شك- مهما كان مغرورا به، فسوف لا يستطيع إلا أن يوافق على قوله أن عقله محدود وقاصر، ولا يستطيع أن يعرف حقائق الأحكام الشرعية، إلا بالاعتماد على كتاب الله وعلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلا ألغى حِكْمَة إرسال الرسل، وإنزال الكتب.
وعلى ذلك فهو استعمل عقله، فقال:«كيف يُعقل أن يفرض الزكاة على من زرع شعير، وكان قد بلغ النصاب وهو خمسة أوسق، أما رجل عنده من عروض التجارة الملايين المملينة» ومع ذلك نحن نقول: لا زكاة على عروض التجارة.
جوابنا على هذه الشبهة العقلية من ناحيتين اثنتين:
الناحية الأولى: لو فرضنا أن تاجرًا ما، عنده من عروض التجارة ما يساوي مليون ريال أو جنيه -مش مهم-، ويقابله إنسان آخر عنده مليون نقدًا وليس عروض تجارة، نحن نسأل هذا الرجل العاقل الذي يُحَكِّم عقله في أحكام الشريعة: أيُّ الرجلين تَصَرُّفه في ماله أنفع لأمته؟ الرجل الأول الذي حَوَّل المليون جنيه أو ريال إلى عروض تجارة، وحرك مصالح الناس، ونفع العشرات والمئات من الناس، أهذا أنفع للمجتمع من الناحية المادية والاقتصادية، أم ذاك الذي حَبَس وكَنَز المليون جُنَيه في الصندوق الحديدي؟ ثم هو مع ذلك، يُخرج النسبة المفروضة في المئة اثنين ونصف؟
نحن نسأل الآن أهل العلم بالاقتصاد: أيُّ الرجلين أنفع لأمته؟ أَلذي كنز ماله
وأخرج زكاته بالمائة اثنين ونصف، أم الرجل الذي طرح ماله واشترى به بضاعة ونفع أمته؟ الآن هذا السؤال يُوَجِّه إلى الحاضرين على اختلاف علمهم وثقافتهم، أيُّ الرجلين أنفع فيما تظن؟
السائل: الأول.
الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-: الأول، إذاً: هذا الرجل يغالط الناس أو أنه