منهم المتمتع ومنهم القارن ومنهم المفرد لأنه - صلى الله عليه وسلم - خيرهم في ذلك كما في حديث عائشة رضي الله عنها:«خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من أرد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل ... » الحديث رواه مسلم.
وكان هذا التخيير في أول إحرامهم عند الشجرة (١) كما في رواية لأحمد «٦/ ٢٤٥» ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستمر على هذا التخيير بل نقلهم إلى ما هو أفضل وهو التمتع دون أن يعزم بذلك عليهم أو يأمرهم به وذلك في مناسبات شتى في طريقهم إلى مكة، فمن ذلك حينما وصلوا إلى «سرف» وهو موضع قريب من التنعيم وهو من مكة على نحو عشرة أميال فقالت عائشة في رواية عنها: « ... فنزلنا سرف فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدي فلا، قالت: فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه [ممن لم يكن معه هدي] ... » الحديث متفق عليه والزيادة لمسلم. ومن ذلك لما وصل - صلى الله عليه وسلم - إلى «ذي طوى» وهو موضع قريب من مكة وبات بها فلما صلى الصبح قال لهم: «من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة» أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس، ولكنا رأيناه - صلى الله عليه وسلم - لما دخل مكة وطاف هو وأصحابه طواف القدوم لم يدعهم على الحكم السابق وهو الأفضلية بل نقلهم إلى حكم جديد وهو الوجوب فإنه أمر من كان لم يسق الهدي منهم أن يفسخ الحج إلى عمرة ويتحلل فقالت عائشة رضي الله عنها:«خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا مكة تطوفنا بالبيت فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن ساق الهدي أن يحل قالت: فحل من لم يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن فأحللن ... » الحديث متفق عليه. وعن ابن عباس نحوه بلفظ:«فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: الحل كله» متفق عليه. وفي حديث جابر نحوه وأوضح منه كما يأتي فقرة «٣٣ - ٤٥».