للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن الذين يحتجون بهذا النهي عن المتعة لا يقولون به لأن من مذهبهم جوازها فما كان جوابهم عنه فهو جوابنا.

الثاني: أن هذا النهي قد أنكره جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم: علي وعمران بن حصين وابن عباس وغيرهم.

الثالث: أنه رأي مخالف للكتاب فضلا عن السنة قال الله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} البقرة: ١٩٦. وقد أشار إلى هذا المعنى عمران بن حصين رضي الله عنه بقوله: «قال: تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزل فيه القرآن «وفي رواية: نزلت آية المتعة في كتاب الله - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مات» قال رجل برأيه بعد ما شاء». رواه مسلم.

وقد صرح عمر رضي الله عنه بمشروعية التمتع وأن نهيه عنه أو كراهته له إنما هو رأي رآه لعلة بدت له فقال: «قد علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن (١) في الأراك (٢) ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم» رواه مسلم وأحمد.

ومن الأمور التي تستلفت نظر الباحث أن هذه العلة التي اعتمدها عمر رضي الله عنه في كراهته التمتع هي عينها التي تذرع بها الصحابة الذين لم يبادروا إلى تنفيذ أمره - صلى الله عليه وسلم - بالفسخ في ترك المبادرة فقالوا: «خرجنا حجاجا لا نريد إلا الحج حتى إذا لم يكن بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني من النساء ... » انظر الفقرة «٤٠» وقد رد النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: «أبالله تعلموني أيها الناس؟ قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم، افعلوا ما آمركم به فإني لولا هديي لحللت كما تحلون» «فقرة ٤٢». فهذا يبين لنا عمر رضي الله عنه لو استحضر حين كرة للناس التمتع قول الصحابة هذا الذي هو مثل قوله،


(١) أي ملمين بنسائهم. [منه].
(٢) أي في حجر الأراك كناية عن التستر به وهو شجر من الحمض يستاك به. وهو أيضا موضع بعرفة وليس مرادا هنا خلافا لبعض المعلقين على مسلم فإن الحجاج في هذا الموضع يكونون محرمين لا يجوز لهم وطأ نسائهم. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>