فلا ثم لا. فكيف وبعضها مخالف للسنة العملية كما سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى.
رابعا: عادات وخرافات لا يدل عليها الشرع ولا يشهد لها عقل، وإن عمل بها بعض الجهال، واتخذوها شرعة لهم، ولم يعدموا من يؤيدهم ولو في بعض ذلك ممن يدعي العلم ويتزيى بزيهم. ثم ليعلم أن هذه البدع ليست خطورتها في نسبة واحدة بل هي على درجات، بعضها شرك وكفر صريح كما سترى، وبعضها دون ذلك، ولكن يجب أن نعلم أن أصغر بدعة يأتي الرجل بها في الدين هي محرمة بعد تبين كونها بدعة، فليس في البدع - كما يتوهم البعض - ما هو في رتبة المكروه فقط، كيف ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» أي صاحبها. وقد حقق هذا أتم تحقيق الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم «الاعتصام».
ولذلك فأمر البدعة خطير جدا، لا يزال أكثر الناس في غفلة عنه، ولا يعرف ذلك إلا طائفة من أهل العلم، وحسبك دليلا على خطورة البدعة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته» رواه الطبراني والضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» وغيرهما بسند صحيح وحسنه المنذري. وأختم هذه الكلمة بنصيحة أقدمها إلى القراء من إمام كبير من علماء المسلمين الأولين هو الشيخ حسن بن علي البربهاري من أصحاب أصحاب الإمام أحمد رحمه الله المتوفى سنة «٣٢٩» قال رحمه الله تعالى: «واحذر صغار المحدثات فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع المخرج منها فعظمت وصارت دينا يدان به، فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر: هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أحد من العلماء، فإن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار. واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعا مصدقا مسلما، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفونا أصحاب