للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال له بعض الصحابة: أرأيت متعتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ شبك النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في أخرى وقال: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لا بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد» (١). من أجل ذلك أمر - صلى الله عليه وسلم - السيدة فاطمة وأزواجه رضي الله عنهن جميعا بالتحلل بعد عمرة الحج ولذلك كان ابن عباس يقول: «من طاف بالبيت فقد حل، سنة نبيكم وإن رغمتم» (٢).

فعلى كل من لم يسق الهدي أن يلبي بالعمرة في أشهر الحج الثلاثة فمن لبى بالحج مفردا أوقارنا ثم بلغه أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفسخ فينبغي أن يبادر إليه ولو بعد قدوم مكة وطوافه بين الصفا والمروة فيتحلل ثم يلبي بالحج يوم التروية يوم الثامن. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (٣).

ثالثا: إياك أن تدع البيات في منى ليلة عرفة، فإنه واجب فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر به في قوله: «خذوا عني مناسككم ... ».

وعليك البيات أيضا في المزدلفة حتى تصلي الصبح، فإن فاتك البيات فلا يفوتك أداء الصلاة فيها فإنه واجب منه بل هو ركن من أركان الحج على القول الأرجح عند المحققين من العلماء إلا للنساء والضعفة. فإنه يجوز لهم الانصراف بعد نصف الليل كما سيأتي.

رابعا: واحذر ما استطعت أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام فضلا عن غيره من المساجد وغيرها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه». فهذا نص عام يشمل كل

مار ومصل، ولم يصح حديث استثناء المار في المسجد الحرام، وعليك أن تصلي فيه


(١) انظر صحيح أبي داود "١٥٦٨ و ١٥٧١".
(٢) وسنده في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أدخل في حجكم هذا عمرة فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي "صحيح أبي داود ١٥٧٣ و ١٥٨٠".
(٣) ولا ينافي ذلك ما روي عن عمر وغيره مما يدل على أن الحج المفرد أفضل كما ذكرته في الأصل. ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية يتأول ذلك بأنه أراد إفراد العمرة في سفرة والحج في سفرة فراجعه في المجلد ٢٦ من مجموع الفتاوى فإنه مهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>