كغيره إلى سترة لعموم الأحاديث الواردة في ذلك وفيه آثار خاصة عن بعض الصحابة مذكورة في «الأصل».
خامسا: على أهل العلم والفضل أن يعلموا الحجاج حيثما التقوا بهم مناسك الحج وأحكامه وفق الكتاب والسنة وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى التوحيد الذي هو أصل الإسلام ومن أجله بعث الرسل وأنزلت الكتب، فإن أكثر من لقيناهم - حتى بعض من ينتمي إلى العلم - وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة توحيد الله وصفاته، كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة رجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم وكثرة أحزابهم إلى توحيد كلمتهم وجمع صفوفهم على أساس الكتاب والسنة في العقائد والأحكام والمعاملات والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغير ذلك من شؤون الحياة، وأن يتذكروا أن أي صوت يرتفع وأي إصلاح يقوم على غير هذا الأصل القويم والصراط المستقيم فسوف لا يجني المسلمون منه إلا تفرقة وضعفا وخزيا وذلا والواقع أكبر شاهد على ذلك. والله المستعان.
ولا بأس من المجادلة بالتي هي أحسن حين الحاجة، فإن الجدال المحظور في الحج إنما هو الجدال بالباطل المنهي عنه في غير الحج أيضا، كالفسق المنهي عنه في الحج أيضا، فهو غير الجدال المأمور به في مثل قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. ومع ذلك فإنه ينبغي على الداعية أن يلاحظ أنه إذا تبين له أنه لا جدوى من المجادلة مع المخالف لتعصبه لمذهبه أو رأيه وأنه إذا صابره في الجدال فلربما ترتب عليه ما لا يجوز أنه من الخير له حينئذ أن يدع الجدال معه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ... » الحديث (١).
[مناسك الحج والعمرة ص ٧ - ١٠]
(١) وهو حديث حسن وهو بتمامه في صحيح الجامع الصغير في الجزء الثاني رقم "١٤٧٧" طبع المكتب الإسلامي.