إذا فرضنا الآن الكعبة خالية، يعني ما في حولها إطلاقاً، راح يمشي وكتفه ويده اليسرى تمس الجدار الشرقي من الكعبة، لكن هذا خيال؛ لأن الواقع حتى في أيام الزحام لا بد أن يكون هناك ناس قريبين من جدار الكعبة، فهو يمشي يميناً لا بد من خطوه على الأقل لا بد، نعم لا بد من خطوه قد تتلوها خطوات بسبب أيش؟ الزحام، لكن أنا أردت آنفاً أن أُصَوِّر الموضوع بحيث لا يُشْكِل هذا الأمر: أن الكعبة صارت عن يساره.
إذاً: يبدأ الإنسان بيساره لا، فهو لا بد هذه مثلاً الزاوية فهو لما يقف هنا لا بد ما يمشي هكذا حتى يستلم الطريق حتى ولو لم يكن أحد، أما لو كان في لازم يمشي خطوات، كما أنت تصورت، أي نعم، في هذه الحالة بعد أن ينطلق بيكون هو مُحْرِم بإزار ورداء، كثير من الحجاج نراهم مع الأسف خاصة الأجانب عفواً الأعاجم من هم أمثالنا، يعني ينطلقون من ساعة إحرامهم وإنشاء الله ما يحرمون من بلدهم؛ لأنه ذَكَّرني هذا الأفغاني الذي أمامي الآن، أنه أنا في دمشق الشام منذ ثلاثين أربعين سنة، رأيت شيخاً مُحْرِماً وكاشفًا عن كتفه، فسلمت عليه، قلت له خيرًا ما هذا؟ قال هو محرم من بلده من أفغانستان، لماذا؟
لأن هناك أحاديث تحض على أن يُحْرِم المحرم من دارة أهله.
هذه الأحاديث -والحمد لله- ليست صحيحة الإسناد؛ بالتالي هي منكرة المتن، لماذا؟ لأنها تخالف هدي الرسول عليه السلام، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحرم من مسجده ولو كان مكان غير الميقات يُسْتَحب الإحرام منه لكان مسجد الرسول عليه السلام أولى بذلك الإحرام منه، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُحرم، وأعني لم يُحْرِم وهنا دقيقة أرجو أن تلاحظوها معي أي لم ينوِ الإحرام، ليس معنى «لم يحرم» ما لبس الإحرام، لا قد يلبس الإحرام الإنسان من دويرة أهله كلبس، خاصة إذا كان يريد أن يركب الطائرة -مثلاً- فقد لا يتيسر له أن ينزع ثيابه ويلبس إزاره ورداءه لا، فإذاً: هو بيحرم يعني بيلبس الإزار والرداء، وقد يخجل أن يظهر أمام الناس