للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا، فيتعذر عليه، فإذا ما قارب الميقات رفع العباية هذه ورفع القلنسوة من رأسه إلى آخره.

فالرسول لبس الإحرام من بيته، لكنه ما نوى الإحرام إلا من ذي الحُلَيْفة؛ ويعجبني بهذا الصدد أثر كنت قرأته فيما أظن في كتاب «البدع والنهي عنها» لابن وضاح القرطبي أو لعل ذلك في كتاب «الاعتصام للشاطبي» على كل حال أثر رائع جداً، أن الإمام مالك -رحمه الله- وتعلمون أنه كان إمام دار الهجرة المدينة، رأى رجلاً قد أحرم وهو في المدينة، سأله عن ذلك قال يريد أن يتقرب إلى الله تبارك وتعالى، قال له: أنت تريد أن تتقرب إلى الله بمخالفة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال له: وأيُّ مخالفة هذه، إنما هي خطوات من ذا الحليفة من المدينة إلى ذي الحليفة، فذكر عبارة معناها لا يحظرني الآن بالضبط وإنما أَنْكر عليه أشد الإنكار، نعم.

-ذَكَّره بقوله تبارك وتعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ... }.

فأنكر عليه أشد الإنكار وقال مُحَذِّراً له من هذه المخالفة، قوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هنا قال ذلك الرجل: أيُّ فتنة هذه، وإنما هي خطوات، فَذَكَّره بأن رسول - صلى الله عليه وسلم - وهو أعبد منك وأتقى لله منك، فلوا كان الذهاب إلى العمرة والإحرام من المدينة كان الرسول عليه السلام فعل ذلك.

فالشاهد: أن كثيراً من هؤلاء الحجاج الأعاجم، يُحْرِمون ليس فقط من الميقات، بل وقبل الميقات، ثم يكشفون عن منكبهم الأيمن، فهذا الكشف بدعة إلا في أثناء الطواف، وطواف القدوم فقط طواف القدوم فقط، فيطلع يكشف عن كتفه اليمين ويلقي بقية الإزار على كتفه الشمال ويهرول يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، وفي البقية يمشي مشيته العادية، وليس هنا في أثناء الطواف ذكر خاص إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود وذلك أن يقرأ الآية الكريمة {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} أما بقية الجهات فما تيسر له إن شاء تلا ما تيسر له من القرآن، أو ذكر الله بأيّ نوع من الأذكار، أو تحدث مع صاحبه في بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>