صدقة الخالق تبارك وتعالى لذلك، ولو أننا عرفنا الفرق بين القصر وأنه عزيمة، وبين الجمع وأنه رخصة، فينبغي ألا نتساهل بهذه الرخصة وأن نتقبلها من ربنا شاكرين له تبارك وتعالى رأفته بنا.
إذاً: لابد من قصر الصلاة ويستحب الجمع بين الصلاتين، كذلك مما يحسن التذكير به: أن كل صلاتين جمعتا معاً لهما أذان واحد وإقامتان، ليس يؤذن لكل صلاة منهما، وإنما أذان واحد ولكن ليقام لكل منهما إقامة، وهذا أصح ما جاء عن الرسول عليه السلام، ومن حديث جابر بن عبد الله الأنصاري في قصة حجة النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أقول هذا؛ لأن هناك بعض الروايات، وفي الصحاح أن هناك لما جمع الرسول عليه السلام في المزدلفة، قد أذَّن أذانين وأقام إقامتين.
فذكر الأذانين هنا شاذ في تعبير المحدثين غير محفوظ، والمحفوظ: أذان واحد للصلاتين وإقامتان، فإذا ما صلى الصلاة الأولى منهما أقيمت الصلاة مباشرة دون فصل بينهما بالأذكار فضلاً عن أن يكون الفصل بالسنن؛ لأن السنن تسقط في السفر، السنن التي تشرع أن يؤتى بها قبل الصلاة وبعد الصلاة كالظهر مثلاً، فهذه السنن كلها في السفر تسقط إلا سُنّتان: أولاهما: سُنة الفجر، والأخرى: سُنة الوتر، فسنة الفجر كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها «ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعهما حضراً ولا سفراً» وهذا يدل على أهمية هاتين الركعتين.
ويؤكد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:«ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها».
فالركعتين هاتين اللتين يستهين بهما بعض المصلين: سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها؛ لذلك كان عليه السلام يصليهما ولو كان مسافراً.
كذلك سُنة الوتر، فكان عليه الصلاة والسلام يحافظ أيضاً عليها حتى في السفر حتى وهو راكب على ناقته، ولم يتيسر له أن ينزل من دابته على الأرض فيصلي وهو راكب.