للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً: إذا انتهوا من الصلاة الأولى وأقيم للصلاة الأخرى، فلا فَصْل بينهما لا بالسنة ولا بالأذكار المعروفة بعد دبر كل صلاة، فإذا أقاموا الإقامة الثانية للصلاة الأخرى، وانتهت الصلاة هنا لا نجد في السنة ما يحول بيننا وبين الإتيان بالأذكار المعهودة المعروفة دبر الصلوات في كل الأوقات، أما الفصل بين الفريضتين فلا فصل، فهذا معروف عندنا.

فإذا ما وصلوا إلى المدينة والسفر طبعاً سيكون بَرًّا، وهناك في المسجد النبوي لابد من التنبيه أن كثيراً من الناس يتقصدون إتيان قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - للسلام عليه، هذا القصد وإن كنا لا نمنع منه لذاته، ولكنهم يُشْعِروننا بأن هؤلاء الناس الذين يذهبون إلى قبر الرسول عليه السلام يشعروننا بأن السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصله إلا إذا كان المسلم قريباً من قبره، وهذا الإشعار باطل، لا فرق في سلام المسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أن يكون بجانب قبره، أو يكون في أقصى المشرق أو المغرب، لا فرق بين هذا وذاك إطلاقاً من حيث الناحيتين، من حيث أن سلام هذا وهذا يصل الرسول عليه السلام بدون فرق.

ومن ناحية أخرى: لا فرق بين الذي يسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجانب قبره، وبين من يصلي عليه في المشرق أو المغرب من حيث أنه لا يسمعه، من حيث أن الرسول لا يسمع هذا السلام سواءً كان بجانب القبر، أو كان بُعْد المشرقين.

فالناس حينما يتقصدون الإتيان إلى القبر، أنا أفهم جيداً أن هذه المعاني الشرعية [عندهم] خاوية على عروشها، لن تتثقف بهذه الثقافة النبوية ما الدليل على هذا الذي نقول؟ ألا هو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله ملائكة سَيَّاحين يبلغوني عن أمتي السلام».

وقبل أن أصل إلى الهدف، أو بُعَيد وصول الهدف، أَذْكر قصة تأكيداً لهذا المعنى، فإذا دخل داخل المسجد لا تأخذنه العواطف، فيسارع للوصول إلى قبر الرسول؛ لكي يسلم عليه، وينسى هذه المعاني الشرعية التي ذكرناها أولاً، ثم ينسى سنة الدخول بالرِّجل اليمنى إلى المسجد النبوي مُسلِّماً عليه حيث هو يدخله.

<<  <  ج: ص:  >  >>