للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون تثنية الطواف خطأ من أبي نعيم، فقد وجدت له مخالفا آخر عند أبي داود «١ /

٣١٣ - ٣١٤» من رواية خالد - وهو الحذاء - عن أفلح به نحو رواية مسلم، فهذه التثنية شاذة في نقدي لمخالفة أبي نعيم وتفرده بها دون إسحاق بن سليمان وخالد الحذاء وهما ثقتان حجتان. ثم وجدت لهما متابعا آخر وهو أبو بكر الحنفي عند البخاري «٣/ ٣٢٨» وأبي داود. ويؤيد ذلك أنها لم ترد لفظا ولا معنى في شيء من طرق الحديث عن عائشة، وما أكثرها في «مسند أحمد» «٦/ ٤٣ و ٧٨ و ١١٣ و ١٢٢ و ١٢٤ و ١٦٣ و ١٦٥ و ١٧٧ و ١٩١ و ٢١٩ و ٢٣٣ و ٢٤٥ و ٢٦٦ و ٢٧٣» وبعضها في «صحيح البخاري» «٣/ ٢٩٧ و ٣٢٤ و ٤٦٤ و ٤٧٧ - ٤٧٨ و ٤٨٢ و ٤/ ٩٩ و ٨/ ٨٤» ومسلم «٤/ ٢٧ - ٣٤» وكذا لم ترد في حديث جابر عند البخاري «٣/ ٤٧٨ - ٤٨٠» ومسلم «٤/ ٣٥ - ٣٦» وأحمد «٣/ ٣٠٩ و ٣٦٦» وكذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولا، ولا من الطريق الأخرى عند الشيخين وغيرهما. نعم في رواية لأحمد «١/ ١٩٨» من طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره نحوه. إلا أنه قال: «فأهلا وأقبلا، وذلك ليلة الصدر»، لكن الواسطة بين أبي نجيح وعبد الرحمن لم يسم، فهو مجهول، فزيادته منكرة، وإن سكت الحافظ في «الفتح» «٣/ ٤٧٩» على زيادته التي في آخره: «وذلك ليلة الصدر»، ولعل ذلك لشواهدها. والله أعلم.

وجملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم المتقدم أنه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى عائشة، ولذلك لما نقل كلامه مختصرا الحافظ في «الفتح» لم يتعقبه إلا بقوله «٣/ ٤٧٨»: «وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته»! ومن تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة، وما فيها من بيان سبب أمره - صلى الله عليه وسلم - إياها بذلك تجلى له يقينا أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج، ولو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته - صلى الله عليه وسلم - وبعدها، فعدم تعبدهم بها، مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها. اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة رضي الله عنها من

<<  <  ج: ص:  >  >>