الخروج اتفاقا، ويخرج عند من لم يكرهه على سبيل الجواز». وهذا خلاصة ما جاء في بعض أجوبته المذكورة في «مجموع الفتاوى»«٢٦/ ٢٥٢ - ٢٦٣»، ثم قال «٢٦/ ٢٦٤»: «ولهذا كان السلف والأئمة ينهون عن ذلك، فروى سعيد بن منصور في «سننه» عن طاووس - أجل أصحاب ابن عباس - قال:«الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون؟ قيل: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع الطواف بالبيت، ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء، وإلى أن يجيء من أربعة أميال [يكون] قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء». وأقره الإمام أحمد. وقال عطاء بن السائب:«اعتمرنا بعد الحج، فعاب ذلك علينا سعيد بن جبير. وقد أجازها آخرون، لكن لم يفعلوها ... ».
وقال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد»«١/ ٢٤٣»: «ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - في عمره عمرة واحدة خارجا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة، لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة في تلك المدة أصلا، فالعمرة التي فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشرعها فهي عمرة الداخل إلى مكة، لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه، لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت، فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلين فإنهن كن متمتعات ولم يحضن ولم يقرن، وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة ولا أحد ممن كان معه» أهـ. قلت: وقد يشكل على نفيه في آخر كلامه، ما في رواية للبخاري «٣/ ٤٨٣ - ٤٨٤» من طريق أبي نعيم: حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة، فذكر القصة -، وفيه:«فدعا عبد الرحمن فقال: اخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة، ثم افرغا من طوافكما».
لكن أخرجه مسلم «٤/ ٣١ - ٣٢» من طريق إسحاق بن سليمان عن أفلح به، إلا أنه لم يذكر:«ثم افرغا من طوافكما». وإنما قال:«ثم لتطف بالبيت». فأخشى أن