أحمد المتقدم آنفاً:«أدعوه ثلاثاً» -: «الداعي له هو الإمام أو نائبه، فلو ترك صلوات كثيرة قبل الدعاء لم يجب قتله، ولا يكفر على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم».
وممن اختار هذا المذهب أبو عبدالله بن بطة، كما ذكر ذلك الشيخ أبو الفرج عبدالرحمن بن قدامة المقدسي في كتابه «الشرح الكبير على المقنع» للإمام موفق الدين المقدسي «١/ ٣٨٥»، وزاد أنه أنكر قول من قال بكفره. قال أبو الفرج:«وهو قول أكثر الفقهاء؛ منهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي ... ». ثم استدل على ذلك بأحاديث كثيرة أكثرها عند ابن القيم، ومنها حديث عبادة المتقدم في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال عقبه:«ولو كان كافراً لم يدخله في المشيئة».
قلت: ويؤكد ذلك حديث الترجمة وحديث عائشة تأكيداً لا يدع لأحد شكاً أو شبهة، فلا تنسى. ثم قال أبو الفرج: «ولأن ذلك إجماع المسلمين؛ فإننا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة ترك تغسيله والصلاة عليه، ولا مُنع ميراث مورِّثه، ولا فُرِّقَ بين زوجين لِتَرْكِ الصلاة من أحدهما -مع كثرة تاركي الصلاة- ولو كفر لثبتت هذه الأحكام، ولا نعلم خلافاً بين المسلمين أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها مع اختلافهم في المرتد (١). وأما الأحاديث المتقدمة «يعني: التي احتج بها المكفرون كحديث: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة»؛ فهي على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على الحقيقة؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» .. وأشباه هذه مما أريد به التشديد في الوعيد. قال شيخنا رحمه الله «يعني: الموفق المقدسي»: وهذا أصوب القولين. والله أعلم».
قلت: ونقله الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله في حاشيته على «المقنع» لابن قدامة «١/ ٩٥ - ٩٦» مقراً له.
ومع تصريح الإمام الشوكاني في «السيل الجرار»«١/ ٢٩٢» بتكفير تارك
(١) قلت: الراجح أنه لا يضيء؛ كما حققه ابن تيمية رحمه الله «٢٢/ ٤٦». [منه].