أي: لا بد من أن يُغَطِّي منكبه الذي كشف عنه من أجل الطواف، لكن أكثر الناس كما قال رب العالمين:«لا يَعْلَمُونَ»، فتراهم من ساعة الإحرام من الميقات يكشفون عن مناكبهم، ويستمرون هكذا إلى ما شاء الله، هذا أولاً: خلاف السنة، وما كان من العبادات خلاف السنة، فيجب أن لا يستهين المسلم بها، ولا يظن أن أمرها سهلاً، بل إن أمرها أنها ضلالة بصريح قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».
وكما قال بعض الصحابة وبخاصة منهم حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه-: «كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تعبدوها ولا تتعبدوها» كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تتقربوا بها إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن العبادات التي تُقَرِّبنا إلى الله زلفى، إنما هي التي جاءتنا من طريق نبينا صلوات الله وسلامه عليه؛ لأن العبادة إنما تكون عبادة بالتوقيف منه عليه الصلاة والسلام لنا، وليس بآرائنا وأهوائنا.
ولقد عرف سلفنا الصالح هذه الحقيقة التي عمي عنها جماهير الخلف، رغم كثرة الأحاديث التي جاءت مُنَبِّهة على أن كل عبادة لم يأت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهي ضلالة كما جاء في صحيح مسلم:«كل بدعة ضلالة» زاد النسائي: «وكل ضلالة في النار».
ولذلك: لا ينبغي الاستهانة بالإتيان ببعض المحدثات من الأمور، بدعوى أنها تقربنا إلى الله زلفى، وإذا كان من الحق قول أهل العلم:«لسان الحال أنطق من لسان المقال» فنحن نقرأ من حال هؤلاء الحُجَّاج الذين يقضون أياماً كثيرة وهم كاشفون عن مناكبهم، ويتحملون ضرر الحَرّ والقَرّ، ما يكون ذلك إلا لزعمهم أنها عبادة، فكيف تكون عبادة ولم يشرعها لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رَبّه إلا في ذاك المكان الذي ذكرته آنفاً، وهو أثناء الطواف. هذا شيء.
والشيء الثاني: -وهو أخطر- أن هؤلاء الناس الذين يتقربون إلى الله عز وجل بالكشف عن مناكبهم طيلة أيام الحج، على الرغم مما ذكرنا من أنهم ابتدعوا شيئاً ما