أنزل الله به من سلطان، فإنهم يقعون في مخالفة خطيرة، حينما نراهم يقومون إلى الصلاة في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد أو في منى أو في غيرها من المناسك، يقومون يصلون وهم كاشفون عن مناكبهم، حينئذٍ يقعون في مخالفة أخرى.
المخالفة الأولى مخالفتهم لأحاديث النهي عن البدعة، وأن كل بدعة ضلالة، فهم يخالفون مبدأً شرعياً عاماً، أما المخالفة الأولى فإنهم يخالفون حديثاً خاصاً في الصلاة، حيث قال عليه الصلاة والسلام:«لا يُصَلِّين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء»، هذا الحديث حديث هام جداً، أولاً من حيث روايته؛ لأنه حديث صحيح في البخاري، وثانياً: من حيث درايته ودلالته؛ ذلك لأنه يدل على بطلان صلاة من يصلي مكشوف المنكب أو مكشوف المنكبين معاً، وبالأولى والأحرى مَكْشُوف القسم الأعلى من البدن.
نحن الآن بين ظهرانينا بعض إخواننا الذين يكشفون عن القسم الأعلى من بدنهم، لا بأس من ذلك عليهم؛ لأنهم يتبردون، ولكن عليهم أن يتنبهوا أنه إذا أُقيمت الصلاة فلا بد لهم من أن يَرْتَدُوا هذا الثوب، وأن يُلْقُوه على أكتافهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له إزار ورداء، فليتزر وليرتد؛ فإن الله أحق أن يَتَزَيّن له»
قوله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف: ٣١]، هذه الآية الكريمة وإن كان أصل نزولها أو سبب نزولها أن العرب في الجاهلية كانوا يطوفون حول الكعبة عراة نساء ورجالاً، وهذا من جاهليتهم، ولما جاء الإسلام أنزل الله عز وجل هذه الآية تأديباً وتعليماً لهم، فقال:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف: ٣١].
المقصود من الزينة في هذا الحديث مراعاةً لسبب النزول: هو ستر العورة، العورة التي لا تصح الصلاة باتفاق المذاهب الأربعة إذا كان كاشفاً لها، ولكن هناك في مذهب الإمام أحمد عورة خاصة بالصلاة، وهو القسم الأعلى من البدن، لا يجوز للمصلي وهو يجد ثوباً يستر به بدنه الأعلى، لا يجوز له أن يصلي وهو كاشف عن