معه من صَحْبه الكرام إلى المشعر الحرام، ليقوموا هناك أيضاً مستقبلي القبلة بذكر الله والدعاء له، ثم ينطلق من هناك إلى منى لرمي جمرة العقبة، وهذا الانطلاق أمر واجب بالنسبة للرجال أن يكون بعد صلاة الفجر وأن يكون رميهم للجمرة الكبرى بعد طلوع الشمس لصحة حديث ابن عباس الذي كان مع الضعفة الذين أذن لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن ينصرفوا من المزدلفة بعد نصف الليل
خلافاً لعامة الناس، ومع ذلك قال لابن عباس ومن كان هو معهم من الضعفة، «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» أما النساء، أما الشيوخ العجزة، فقد أذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن ينطلقوا من المزدلفة بعد نصف الليل، ذلك ليتحاشوا وليتنكبوا زحمة الناس، وأن لا يتضرروا بمثل تلك الزحمة، ولكن لا يوجد - وهذا أمر أرى لزاماً عليَّ التنبيه عليه - وهو أنه لا يوجد حديث وأرجو الانتباه لما أقول، لا يوجد حديث صحيح مرفوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن للضعفة وللنساء الذين سمح لهم أو لهن عليه الصلاة والسلام بالانصراف من المزدلفة بعد نصف الليل، لا يوجد حديث صحيح صريح أنه عليه الصلاة والسلام أذن لهم أن يرموا الجمرة قبل طلوع الشمس، بل حديث ابن عباس صريح على خلاف ذلك:«لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس».
نعم. لقد وقعت بعض الحوادث من بعض الأفراد أنهم رموا قبل طلوع الشمس، رموا ليلاً، وانصرفوا إلى الكعبة، إلى بيت الله الحرام، لكن هذا قد يكون أولاً لعذر، وقد يكون ثانياً لغير عذر ولكن لِفَهْم خاص، ولا نجد في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلِم مثل هذا الواقع وأَقَرَّه، ولو كان شيء من ذلك لوجب استثناء مثل هذا الواقع من القاعدة العامة:«لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس».