للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أخي المسلم! أن هذه الرواية عن الإمام أحمد -وما في معناها- هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه كل مسلم لذات نفسه أولاً؛ ولخصوص الإمام أحمد.

ثانياً؛ لقوله رحمه الله: «إذا صح الحديث فهو مذهبي»؛ وبخاصة أن الأقوال الأخرى المروية عنه على خلاف ما تقدم مضطربة جداً؛ كما تراها في كتاب «الإنصاف» «١٠/ ٣٢٧ - ٣٢٨» وغيره من الكتب المعتمدة؛ ومع اضطرابها؛ فليس في شيء منها التصريح بأن المسلم يكفر بمجرد ترك الصلاة؛ وإذ الأمر كذلك؛ فيجب حمل الروايات المطلقة عنه على الروايات المقيدة والمبنية لمراده رحمه الله؛ وهي ما تقدم نقله عن ابنه عبد الله.

ولو فرضنا أن هناك رواية صريحة عنه في التكفير بمجرد الترك؛ وجب تركها والتمسك بالروايات الأخرى؛ لموافقتها لهذا الحديث الصحيح الصريح في خروج تارك الصلاة من النار بإيمانه ولو مقدار ذرة. وبهذا صرح كثير من كبار علماء الحنابلة المحققين؛ كابن قدامة المقدسي -كما تقدم في نقل أبي الفرج عنه- ونص كلام ابن قدامة: «وإن ترك شيئاً من العبادات الخمس تهاوناً؛ لم يكفر».

كذا في كتابه «المقنع»، ونحوه في «المغني» «٢/ ٢٩٨ - ٣٠٢» في بحث طويل له؛ ذكر الخلاف فيه وأدلة كل فريق؛ ثم انتهى إلى هذا الذي في «المقنع»؛ وهو الحق الذي لاريب فيه؛ وعليه مؤلف «الشرح الكبير» و «الإنصاف» كما تقدم وإذا عرفت الصحيح من قول أحمد؛ فلا يرد عليه ما ذكره السبكي في ترجمة الإمام الشافعي؛ من «طبقات الشافعية الكبرى» «١/ ٢٢٠»، قال: «حكي أن أحمد ناظر الشافعي في تارك الصلاة؛ فقال له الشافعي: يا أحمد! تقول: إنه يكفر؟ قال: نعم. قال: إذا كان كافراً فبم يسلم؟ قال: يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال: فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه! ! قال: يسلم بأن يصلي. قال: صلاة الكافر لا تصح ولا يحكم بالإسلام بها. فانقطع أحمد وسكت».

فأقول: لا يرد هذا على أحمد رحمه الله لأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>