«خذوا عني مناسككم؛ فإني لا ادري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، أو بعد عامكم هذا».
ولذلك فقوله عليه السلام في هذا الحديث:«خذوا عني مناسككم». هو كقوله في الصلاة:«صلوا كما رأيتموني أصلي».
فكل ما ثبت من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج، وفي الصلاة فالأصل فيه الوجوب إلا ما دلت القرينة على أنه ليس للوجوب وإنما هو للندب، وعلى ذلك فالوقوف في عرفة هو النسك، أما ما قبل ذلك فهو التَهَيّؤ، وفي اعتقادي قد تغيرت الوسائل والأسباب اليوم، وتذلل الكثير منها بما خلق الله عز وجل للمسلمين في هذا العصر من الأسباب، فلا نرى النزول في عُرَنة بخاصة، وإما أن يجتمع المسلمون لصلاة الظهر والعصر جمع تقديم في مسجد نمرة، فهذه عبادة وينبغي أن نقتدي فيها بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا ما عندي جواباً على هذه الفقرة. نعم.
السائل: أما الفقرة الثانية، فعن خطبة عرفة؟
الشيخ: هي تدخل في عموم ما ذكرت آنفاً، لا بد من الخطبة؛ لأنها عبادة وطاعة، وليس هناك ما يدل على أنها من الواجبات.
السائل: الثالثة: قصر الصلاة، والجمع بين الصلاتين في عرفة ومزدلفة؟
الشيخ: الأصل في قصر الصلاة بالنسبة للمسافرين أمر مختلف فيه بين علماء المسلمين، ما بين قائل أن القصر واجب، وهذا هو الذي ندين الله به.
وبين قائل بأن القصر يجوز والأفضل التمام، وإذا كان من الثابت في الأدلة العامة بالنسبة لكل مسافر، أنه يجب عليه القصر، فبالأولى أنه يجب عليه القصر في مناسك الحج كعرفة وكمزدلفة، والجمع يمكن أقول يمكن أقول يمكن، وأنا أعني ما أقول، يمكن أن يكون كذلك بالنسبة لكونه متعلقاً بمناسك الحج، ولكن ممكن لبعض الناس أن لا يروا ذلك بخلاف القصر؛ فإن الأدلة التي أشرنا إليها آنفاً تلزمنا بالقصر في كل سفر، فمن باب أولى أن تلزمنا بالقصر في مناسك الحج التي ثبت أن