النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر فيها، لقد جاء في صحيح مسلم أن رجلاً قال لعمر الخطاب رضي الله عنه: لو أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم - لسألته؟ قال: عما كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله ما بالنا نقصر وقد أمِنَّا، قال: قد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته».
يشير إلى أن قصر الصلاة فيما إذا ضرب المسلمون في الأرض كان مشروطاً بقوله تعالى:{إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء: ١٠١]، من أجل هذا الشرط جاء السؤال من بعض الناس، منهم عمر الخطاب كما في صحيح مسلم: ما بالنا يا رسول الله نقصر وقد أمِنَّا؟ ربنا يقول:{إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} النساء: ١٠١]، فأجاب عليه الصلاة والسلام بقوله:«صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته»، وإذا كان الكريم تبارك وتعالى تَصَدَّق على عبادة المؤمنين، فكيف يستنكف أحدهم عن أن يقبل صدقة رب العالمين، هذا فيما لو لم يكن هناك ما يلزم الأخذ بالقصر؛ لأنه هو الأصل جاء في حديث عائشة قالت رضي الله عنها:«فُرِضَت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت في السفر وزيدت في الحضر».
فإذاً: علينا أن نلتزم الأصل الذي لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً، فضلاً عن أن يأتي قولاً يخرجنا عنه، وما يُرْوى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتم وقصر، كما أنه افطر وصام في رمضان في السفر، فهذا لا يصح عنه - صلى الله عليه وسلم -، بل قد جاء في صحيح مسلم وغيره من حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ساعة خروجه من المدينة حتى رجع إليها ما زال يقصر، يصلي ركعتين، ركعتين حتى دخل المدينة، هذا هدية - صلى الله عليه وسلم - بعامة القصر، ومن باب أولى أن نقصر في عرفة وفي مزدلفة، أما الجمع فالأصل فيه أنه رخصة لكن الأَوْلَى أن نتمسك بهما خشية أن يكون من مناسك الحج، هذا ما أدين الله به، والله أعلم، غيره.
السائل: الفقرة الرابعة: النزول بالمُحَصِّب يوم الثالث عشر بعد الزوال؟