إذاً: جاء السؤال: لماذا جمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة مقيماً بين الظهر والعصر من جهة، وبين المغرب والعشاء من جهة أخرى.
كان جوابه:[أراد ألاّ يُحْرج أمته].
فمعنى هذا الجمع ليس هو كما يقول بعض العلماء قديماً وحديثاً إنه يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين ترخصاً، لا ليس في الحديث، كان يمكن أن يؤخذ هذا من الحديث لو لم يكن السؤال الموجه إلى ابن عباس وجوابه، جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة، لو كان الحديث هكذا كان يمكن اعتباره دليلاً على جواز الجمع بدون أيَّ سبب، رخصة، كما هو الشأن في حالة السفر.
لكن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قد أجاب عن السبب، فقال:[أراد أن لا يُحْرِج أمته].
حينئذ الغاية من جمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الجمع وهو مقيم فتح الطريق لمن كان مقيماً ووجد في ظرف ما حرجاً في المحافظة على كل من الصلوات في وقتها، فحينئذٍ خلاصاً من الحرج يجوز له أن يجمع بين الصلاتين؛ لأن من قواعد الشريعة كما قال:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨].
فإذاً: حيث كان الحرج جاز التَرَخُّص في الجمع بين الصلاتين، كذلك حيث كان الحرج في مناسك الحج جاز التقديم والتأخير، أما أن نجعل الأمر فوضى تعود مناسك الحج حسب الأهواء ويختل بذلك نظام:«خذوا عني مناسككم» فهذا لا يجوز أن يستدل عليه بجواب الرسول عليه السلام في تلك الأسئلة المختلفة بقوله: «لا حرج» لأن معنى ذلك أن ما فعلتم إنما كان لرفع الحرج، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨].