للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث الآخر الذي حَضَّ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُلَّ فرد من أفراد أمته، أن يختار الزوجة الصالحة أن تكون وليداً؛ لئلا تكون عقيماً ذلك؛ لأن من غاية الزواج الذي أمر به ربنا عز وجل في القرآن، وأكد ذلك نبيُّنا صلوات الله وسلامه عليه في الحديث وفي السنة الصحيحة الغاية من هذا الزواج هو: تكثير نفس الأمة المحمدية.

ولذلك قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣].

هذا الأمر من الناحية الفقهية كان يفيد الوجوب، لولا أن الأصل في الأبضاع وفي الفروج التحريم، فلما جاء الأمر بذلك أي: جاء الإذن والإذن يرفع التحريم، فالآية من الناحية الفقهية تُفيد الحض على الزواج، ولا تفيد وجود الزواج، وبخاصة أن الآية تقول: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣].

ولكن الذي يُفيد وجوب الزواج من الرجل القادر عليه، إنما هو قوله عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أَغَضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

فهذا الزواج الذي أمر به نبينا - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، أمراً مُعَلَّلاً تعليلاً عقلياً منطقياً فقال: «فإنه أَغَضُّ للبصر وأحصن للفرج».

وقد جاء في الحديث الآخر، وهو قوله عليه السلام: «كُتب على ابن آدم حَظَّه من الزنا، فهو مدركه لا محالة، فالعين تَزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش» أي: اللمس «والرِّجل تزني وزناها المشي، والفرج يُصَدِّق ذلك كُلُّه، أو يُكَذِّبه».

لذلك حتى يُحَصِّن المسلم نفسه من أن يقع في شيء من مقدمات الزنا، فضلاً عن أن يقع في الزنا نفسه، قال عليه السلام في الحديث السابق: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغَضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع» ماذا يفعل؟ «فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء».

<<  <  ج: ص:  >  >>