أمانته أن له أجرًا عند الله، لا يفكر في هذا إنما يفكر في المصلحة العاجلة وفي الراحة الدنيوية، فيسمع أحدهم وهم على كل حال يختلفون في هذه القناعة، فمن يقنع أن يرزق ولدين ويكون هناك المجموع أربعًا الزوجان والولدان، لكن لا يكتفون بولدين فقط فيضيفون إليهما خامسًا، كما قال تعالى:{سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ}[الكهف: ٢٢] أو يكون كلبهم سادسهم وهكذا، لماذا؟ لأنهم يحسنون لتربية الكلاب أكثر من إحسانهم لتربية الأولاد، بينما المسلم يطلب الأجر من الله عز وجل في تعليمه لأولاده شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا ما مات أحدهم قبل سن البلوغ كما ذكرنا آنفًا ليحتسبوا ذلك عند الله عز وجل فإن الله عز وجل بفضله يكون قد أعتقه من النار بسبب هذا الاحتساب لموت ثلاثة من الولد.
جاء في الحديث لما قال عليه السلام:«ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا لم تمسه النار إلا تحلة القسم، قالوا: يا رسول الله! واثنان؟ قال: واثنان» فظننا أنه لو قال القائل: وواحد، لقال: وواحد، إذًا هذه الفضيلة ليست قائمة إلا في أذهان المسلمين، فتكون النتيجة أو ثمرة هذه العقيدة أن المسلم [يرجو] دائمًا أن يكون له من الولد الشيء الكثير والكثير، أما الكفار فهم يريدون أن يحيوا هذه السنوات القليلات في الدنيا، إنهم لا يبالون بالآخرة.
أما معنى قوله عليه الصلاة والسلام:«لن تمسه النار إلا تحلة القسم» ففي الحديث إشارة إلى قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}[مريم: ٧١ - ٧٢] الخطاب للإنس والجن: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}[مريم: ٧١] أي: إن ذلك في الكتاب كان مسطورًا، فلا بد لكل من الجنسين من الإنس والجن، لكل فرد من أفراد هذين الثقلين لا بد من أن يدخلوا النار، ثم قال تعالى:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}[مريم: ٧٢] فلا بد إذًا لكل من البشر أن يدخل النار، ولكن مع فارق كبير، المسلم يدخل النار ولا تمسه النار بعذاب، أما الكافر أو الفاسق فكل بحسب ما كان ارتكب من معاصي، أما الكافر فمخلد في النار، أما من دونه فكما ذكرنا.