وواردها في هذه الآية الكريمة: اختلفوا في التفسير على أقوال ثلاثة:
القول الأول: أن المقصود من الورود هو المرور بجانب النار وليس الدخول؛ لأنهم يقولون في اللغة العربية: أورد الناقة الحوض لا يعني أنه دخل بها الحوض، فإذًا: معنى قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: ٧١] هذا القول الأول، أي: يمر بها مرورًا جانبيًا، لكن من كان من الكفار أو الفساق فهو داخلها رغم أنفه، أما من كان مؤمنًا فهو يمر بجانبها، هذا هو القول الأول.
والقول الثاني:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: ٧١] أي: مار عليها، فهو يرى النار ولكن لا يحس بلهيبها ودخانها.
والقول الثالث والأخير، وهو الصحيح: أن المقصود بالورود الدخول، ويكفي أن يكون الدخول هو من نفس الصراط، ويكون الصراط كالنفق في الجبل، فيحيط النار بالداخلين، ولكن من كان مثل هذا الذي لم تمسه النار إلا تحلة القسم لا تؤثر فيه النار، وهذا القول كما ذكرت آنفًا هو الراجح، لماذا؟
لأن الإمام مسلمًا قد روى في صحيحه من حديث حفصة فيما أظن أو جابر بن عبد الله أشك الآن، لكن القصة تتعلق يقينًا بحفصة بنت عمر زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: قال عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية، قالت حفصة: كيف ذاك يا رسول الله! والله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}[مريم: ٧١].
فنلاحظ هنا شيئًا هامًا جدًا: أن الورود المذكور في الآية فهمته السيدة حفصة بمعنى الدخول، ولذلك أشكل عليها قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يدخل أحد من أهل بدر والحديبية، فأشكل عليها هذا النفي مع تعميم رب العالمين في الآية الدخول للثقلين كلهم بلا استثناء، فنجد الرسول عليه السلام كان موقفه تجاه فهم السيدة حفصة بمعنى الورود من الورود بمعنى: الدخول، أن الرسول أقرها على ذلك، وما قال لها: لا يا حفصة، الورود هنا: إنما هو بمعنى المرور بجانب النار أو من فوق ... لكنه عليه السلام أقرها أولًا على فهمها، أن معنى الورود هو بمعنى الدخول