المنفي في حديثه عليه السلام، وهو:«لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية» أقرها على هذا الفهم ولكنه عليه الصلاة والسلام لفت نظرها إلى خطئها في وقوفها عند لفظة الورود دون إتمام الآية، فقال لها:«وماذا بعد ذلك؟ قالت:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}[مريم: ٧٢]».
إذًا: نخرج من هذا الحديث بأن معنى الورود هو معنى الدخول؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أقر السيدة حفصة على فهمها للآية، الورود بمعنى الدخول ولكنه قال تمام الآية:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}[مريم: ٧٢] أي: إن هذا الدخول بالنسبة للأبرار لا يكون إلا للعبرة ولرؤية الذين كانوا يستهزئون بهم في الحياة الدنيا: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المطففين: ٣٤ - ٣٦].
ويحسن أن نذكر هنا حديثًا آخر هو صريح أصرح من حديث جابر كما قلنا أو حفصة، لكن هذا الحديث نذكره أيضًا كما نسمع أحيانًا: نرمي به عصفورين بحجر واحد، نبين أولًا أن معناه كمعنى حديث حفصة، وثانيًا: أنه ضعيف السند فيمكن الاستشهاد وليس الاستدلال به.
الحديث أخرجه الإمام أبو عبد الله الحاكم في المستدرك بإسناد فيه جهالة وضعف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أنه لقيه رجل في الطريق في المدينة، فسأله عنه هذه الآية بعد أن قص عليه أن خلافًا وقع في مجلس من المجالس حول معنى الورود فيها، فكل ذهب إلى معنى من المعاني الثلاثة، فكان جواب جابر أن وضع أصبعيه في أذنيه وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يبقى بر ولا فاجر إلا ويدخلها ثم تكون بردًا وسلامًا على المؤمنين كما كانت على إبراهيم عليه الصلاة والسلام».
هذا الحديث يؤكد معنى حديث جابر في صحيح مسلم ونخرج بالدراسة: أن معنى تحلة القسم: أن الدخول لا بد منه؛ لأن الله قال في الآية: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا