الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢] فهم كانوا أميين، لم يكونوا أهل كتاب كاليهود والنصارى، ولذلك فاليهود والنصارى يومئذٍ ليس اليوم، كانوا متميزين عن العرب بما أنزل الله على أنبيائهم موسى وعيسى من التوراة والإنجيل، فكانوا أهدى سبيلاً وأقوم قيلاً من العرب، العرب جماعة وثنيين لا أخلاق، ولا آداب ولا شريعة، إلا ما كان يشرع لهم رئيس القبيلة، وكل واحد عنده شريعة ما أنزل الله بها من سلطان، من ذلك أنهم كانوا يتزوجون ما شاؤوا من النساء، وفتح باب التزوج بما شاء الرجل من النساء يكون سبباً للإخلال بالقيام بواجب الأسرة، وبواجب التربية والضرورية، لذلك لما أسلم ذاك الرجل وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبايعه على الإسلام وتحته -تحت عصمته- تسع نسوة، فقال له عليه الصلاة والسلام:«أمسك منهن أربعاً وطلِّق سائرهن».
وكثير من الناس في هذا الزمان، هذا الزمان الذي يُغْزَى به المسلمون في عقر دارهم، ولو فرضنا أنهم لن يُغزوا في عُقْر دارهم بالكفار بجنودهم وأشخاصهم يُغْزَون في عُقْر دارهم بالأفكار، على وجه يتبناه الكفار، ويتبرأ منها الإسلام والمسلمون الصادقون المتمسكون بالإسلام.
معلوم أن الكفار إلى اليوم، لا يزال الكثيرون منهم يهاجمون الإسلام في بعض تشريعاته، بزعمهم أنها تشريعات غير منطقية، وغير معقولة، وغير عادلة، من ذلك: أنهم يَزْعمون أنه ليس من العدل في شيء، أن يتزوج الرجل مثنى وثلاث ورباع.
هذا أمر يُنْكره هؤلاء الكفار وذلك من ضلالهم البعيد والمبين ولماذا؟ لو أن هؤلاء الكفار كانوا يعيشون حياة نزيهة، ويحيون حياة شريفة لا يعرفون للسِّفاح ولا للزنا معنى، ثم هم مع ذلك ينكرون التسوية بين الزوجتين، وأكثر من ذلك لربما كان لهم بعض العذر، ولكن الواقع يشهد أن الواحد منهم، أقول بلغة أخرى لا أقول يتزوج ينكح مثنى وثلاث ورباع وخماس وعشر وعشرين إلى آخره، ولا يجدون في ذلك غضاضة مطلقاً، ويسفحون دماءهم هكذا عبثاً، ولا شيء في هذا العمل وهو الزنا، وفي أولاد الزنا الذين يلقون بالمئات إن لم نقل بالألوف في