للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذا الإيجاز وحده في الحقيقة يُسَلَّم به إجمالاً، أما تفصيلاً فسأقول العكس تماماً.

إذا كان المقصود بالأثر هو الاحتجاج به؛ لنثبت به حكماً شرعياً، اتباعاً منا لذاك الصحابي وهدراً منا لاعتزازنا بعلمنا الشخصي، حينئذٍ لا بد من إثبات ذلك الأثر كما نُثبت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أما إذا لم يكن المقصود إثبات حكم شرعي، فحينئذٍ شأن هذه الآثار شأن الأحاديث الضعيفة التي لا يُحتج بها، وإنما يُسْتَشْهَد بها ويُسْتَأْنس بها.

فلا يصح أن يقال مطلقاً: إن الآثار الواردة عن الصحابة يكفي أن العلماء ذكروها وساقوها مساق المُسَلَّمات.

فإننا نقول: هذا إن كان من باب الاستئناس والاستشهاد فهو مقبول، أما إذا كان من باب الاستدلال فليس مقبولاً، ولا بد من إثبات الصحة.

مثلاً: كثيراً ما تأتينا بعض المسائل، ما عندنا نص في الشرع، في السنة فضلاً عن الكتاب، لكن يأتينا رأي لبعض الصحابة، فهل يجوز لنا أن نتمسك بهذا الرأي ونتدين به، ولم نعرف أنه صَحَّ عن ذلك الصحابي؟

أظن أن الجواب عُرف مما سبق من التفصيل، لكني أجد نفسي مُلْزَماً بأن أضرب لكم مثلاً ..

معلوم لدى طلاب العلم: أن هناك أحاديث كثيرة وصحيحة، في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشُرْب قائماً، لكن ليس عندنا ولا حديث نهى الرسول عليه السلام عن الأكل قائماً.

فإذا وَرَدَنا سؤال: ما حكم الأكل قائماً، أهو كالشرب قائماً أم لا؟

الأصل فيه الإباحة على أساس الرجوع إلى هذه القاعدة، الأصل براءة الذمة، الأصل عدم التكليف وهكذا ..

<<  <  ج: ص:  >  >>