فنجد جواباً عن مثل هذا السؤال حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه لما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الشرب قائماً، فلما قيل له الأكل؟ قال: شر.
أنا مثلاً أطمئن إلى هذا الجواب من هذا الصحابي، لأسباب أهمها: أنه لا يوجد لدينا ما يُخَالف هذا الجواب من هذا الصحابي في الموقوف فضلاً عن المرفوع، وهذا صحابي عاش مع الرسول عليه السلام وخَدَمه، كما جاء عنه نفسه عشر سنين، فهو أعرف الناس، أو على الأصح تعبيراً: من أعرف الناس بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فإذاً: أنا أقول بقول أنس، لكن هل يجوز لي أن أقول بقول أنس، إذا لم أعرف ثبوت هذا القول عن أنس؟
الجواب لا، فإذاً في مثل هذه القضية لا بد أن يُعامل الأثر من حيث التَثَبُّت في صحته، كما نعامل الحديث المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا باب واسع جداً ومهم جداً، أي معرفة الآثار المروية عن الصحابة؛ هي إذا صَحَّت تُسَاعدنا أن نستقيم على الجادة في فهمنا للأحكام الشرعية، وبذلك نُصَدِّق دعوانا أننا على الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح.
فإذاً: يجب أن نعرف أن الذي كان عليه السلف الصالح في أيِّ شيء مما يُروى عنهم، أن يكون ثابتاً عنهم، وليس مجرد أن يُحْكَى في بعض الكتب.
وهذا نجده كثيراً وكثيراً جداً، حينما تُحكى المذاهب مثلاً في الموضوع الخطير الذي لا يزال بعض إخواننا المشائخ في نجد يُدَنْدِنُون ويُصَرِّحون بتكفير تارك الصلاة كسلاً وليس جحداً؛ لأن تارك الصلاة جحداً مفروغ منه، فهو كافر مرتد عن الدين.
أما تارك الصلاة كَسَلاً مع اعترافه بفرضيتها، فنجد عشرات النقول عن الصحابة والتابعين بأنهم كانوا يقولون إنه كافر، وحينما نجد بعض هذه الآثار على الأقل في كتب الآثار «كمصنف ابن أبي شيبة» و «مصنف عبد الرزاق» و «شرح