أنا أقول في هذه المناسبة: نستفيد من كُلٍّ من الحديثين فائدة يشترك في الدلالة عليها كلاهما معاً.
ثم نستفيد من كُلٍّ من الحديثين ما لا يستفاد من الحديث الآخر.
أما الفائدة المشتركة فهي النهي عن بيعتين في بيعة.
أما الفائدة التي تَفَرّد كل من الحديثين بها دون الآخر، فمن الحديث الأول: تفسير بيعتين في بيعة. نفهم من الحديث الأول تفسير بيعتين في بيعة، وهو أن تقول: أبيعك هذه المسجلة نقداً بمائة كذا، ونسيئة بمائة وكذا.
إذا فهمنا هذه الفائدة من الحديث الأول، لننظر ما هي الفائدة في الحديث الآخر، حيث لا نفهمها في الحديث الأول، هي اعتبار الحديث الأول الزيادة رباً أولاً، وهذا صريح منه.
والشيء الآخر -وهو هام جداً-: الحديث الأول باعتباره نهى عن بيعتين في بيعة، والأصل في المناهي في المعاملات الدلالة على البطلان، ففهمنا من الحديث الثاني خلاف ذلك، حيث أجاز بيعتين في بيعة، ولكنه أبطل الزيادة؛ لأنه قال:«فله أوكسهما أو ربا»، فقوله:«له أوكسهما» معنى أن البيع ماشي؛ لأنه أباح له أن يأخذ هذا الوكس، النقد، لكن إذا أخذ الزيادة فقد أكل الربا.
فمن هذا الحديث وذاك نخلص بهذه النتيجة: أن بيع التقسيط المعروف اليوم هو ربا، هذا الذي قلته أولاً.
ثانياً: النظر الصحيح والسليم يقتضينا أن نقول بما فهم من هذين الحديثين، ذلك لأنه لا خلاف بين مسلمين، ولا أقول فقيهين، أنه إذا جاء شخص عند بائع الحاجة -لنقل السيارة- وقال له: يا فلان أقرضني كذا دنانير، ألف .. ألفين .. ثلاثة ... على أني أعطيك ربح زيادة كذا، حيقول: لا، هذا حرام، هذا ربا؛ لذلك قلت: في هذا المثال لا يختلف فيه اثنان، لكن إذا قال له: بعني هذه السيارة قال له: بالتقسيط كذا، وبالنقد كذا، هو طلب منه من قبل ثمن السيارة، قرض حسن،