فهم يعتقدون بأن أكل هذه الشحوم لا يجوز، فماذا فعلوا؟ أخذوها وألقوها في القدور وأوقدوا النار من تحتها، فأخذت شكلاً آخر، هذا الشكل زين لهم الشيطان أن الحكم اختلف، التحريم زال؛ لأن هذا لم يبق ذلك الشحم الذي حرمه الله في القرآن الكريم.
فلعنهم الرسول بالنص الصحيح:«لعن الله اليهود، حُرِّمت عليهم الشحوم، فجملوها -أي: أذابوها- ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه».
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يحكم على هذه الزيادة مقابل أجل بأنها ربا.
فالقول الآن بأن العلة هو جهالة باطل؛ لأن الحديث يجعل العلة نبوية.
وبعضهم يقول بأن البيعتين هنا لم تتحقق فإذاً: خلصنا من مخالفة الحديث شكلاً، لكن العلة وهي العلة الربوية موجودة لا تزال قائمة، ولو في صورة بيعة واحدة، هذا من حيث النص.
نأتي الآن من حيث التَفَقُّه في عموم تعامل المسلمين بعضهم مع بعض، تعامل المسلمين الأغنياء مع الفقراء، تعامل المسلمين الأغنياء مع المتوسطين حالهم من المسلمين، هل هذا التعامل في أخذ الزيادة مقابل الصبر على الأخ المسلم في الوفاء، هذا يتجاوب مع الخُلُق الإسلامي والأخلاق الإسلامية؟
الجواب: لا، المسلم وُجِدَ في هذه الحياة هو لعبادة الله عز وجل كما نعلم جميعاً.
الكفار أذهانهم وأفكارهم وعقائدهم خاوية على عروشها، ليس فيها شيء من هذا المعنى التَعَبُّدي:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦].
فالمسلم في كل منطلقه في حياته فهو يتعبد إلى الله تبارك وتعالى، سواء في إتيانه ما أمره به أو في اجتنابه ما نهاه عنه.
فالآن: هؤلاء التجار لقد يسر الله لهم هذه الوسيلة، وسيلة المتاجرة وكسب المال بطرق مشروعة، كانوا يستطيعون أن يكونوا كأولئك الأغنياء الذين كانوا في