أخذوا الشحوم فألقوها في القدور، ثم أوقدوا النار من تحتها، فأخذت شكلاً آخر، وبذلك زَيَّن لهم الشيطان سوء عملهم، وأَوْهمهم أن هذا الشحم صار شيئاً آخر غير الشحم المُحَرَّم، فأخذوا الشحم وجملوه، أي: ذَوَّبوه، وباعوه وأكلوا ثمنه.
الشاهد: أن الله عز وجل أَدَّبنا بمثل حديث نبيه هذا وأمثاله، أنه لا يجوز للمسلم أن يحتال على استحلال ما حَرَّم الله عز وجل بأدنى الحيل.
ونكاح التحليل الذي معلوم لدى الحاضرين إن شاء الله، هو نكاح توفرت فيه شروط النكاح المشروع عادةً، ولكن لماذا جعله الشارع الحكيم نكاحاً باطل، ولعن المُحَلِّل والمُحَلَّل له؛ لأنه لم يقصد به ما يقصد به عادة من الزواج الشرعي، الذي أشار إليه ربنا عز وجل في قوله تبارك وتعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: ٢١].
لَمَّا لم يكن المقصود من نكاح التحليل هو تحقيق هذا السكن، وهذه الأُلفة بين الزوجين، وإنما كان المقصود به تحليل ما حرم الله بقوله:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠].
وهذا تأديب لله عز وجل للذي يُطَلِّق زوجته الطلقة الثالثة، حتى لا يعتاد الناس أن يُطلِّقوا ثم يندموا على تطليقم، فيأتي هذا المُحَلِّل فيُعَجِّل رجوع المرأة إلى زوجها الذي طَلَّقها ثلاثاً، والله عز وجل يقول:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠].
تنكح نكاحاً شرعياً كما نعرف من قبل، فلما كان هذا المُحَلِّل يقصد تحليل ما حرم الله، كان ملعوناً في حديث الرسول عليه السلام المعروف:«لعن الله المُحَلِّل والمُحَلَّل له».
والآن نعود إلى الصورة السابقة أو إلى بيع التقسيط.
لو أنا جئت إلى زيد من الناس غني، قلت له أقرضني ألف جنيه، أُريد أن أشتري سيارة، أقرضني ألف جنيه لوجه الله، يقول: أفعل لكن بشرط أن تعطيني