للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذاً: لا فرق بين أن تكون الزيادة التي تُسَمَّى زيادة مقابل الأجل في البيع أو في القرض.

البيع هنا وسيط لاستحلال ما نهى الله عنه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -.

والذين يذهبون إلى إباحة بيع التقسيط، وهم يعلمون مثل هذه الأحاديث، يُفَسِّرونها بأن النهي عن بيعتين في بيعة إنما هو؛ لجهالة الثمن؛ لأن البائع يعرض ثمنين، ثمن النقد، وثمن الأجل.

فحينما ينفصل الشاري عن البائع بأحد الثمنين، يقولون -ولست معهم بطبيعة الحال- لأنه ينفصل ولم يتعين أيُّ الثمنين هو الذي اعتُمِدَ عليه بينهما.

أنا أقول: مثل هذا التأويل، أولاً: يخالف التعليل المذكور في الحديث الأول، ذلك لأن هذا التعليل الذي نقلته آنفاً عن بعضهم، هو تعليل بجهالة الثمن، وهذه الجهالة تُنافي العلة الشرعية.

وإذا دار الأمر في تعليل حكم شرعي بين علة عقلية وبين علة شرعية، لا شك أن العلة الشرعية هي التي يجب الاعتماد عليها، دون العلة العقلية.

ما هي العلة الشرعية؟ سبق ذكرها آنفاً في قوله عليه السلام «من باع بيعتين في بيعة» نهى عن بيعتين في بيعة، هذا يلتقي مع هذا الشطر من هذا الحديث.

«من باع بيعتين في بيعة» هذا حديث أبي هريرة، حديث ابن مسعود: «نهى عن بيعتين في بيعة» وأحدهما شاهد للآخر، ولكن في كُلٍّ من الحديثين فائدة لا توجد في الحديث الآخر، أما حديث أبي هريرة، فهي العلة النقلية، حيث قال عليه السلام: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو ربا»، فأوكسهما أنقصهما ثمناً كما هو واضح، وإلا فإذا أخذ أكثرهما، فقد أخذ الربا.

«من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو ربا» هذا الحديث يعطينا فائدة أخرى غير العلة المنصوص عليها فيه، وهي أنها علة ربوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>