وأنتم تعلمون النظام ما يُسمى بالنظام الاقتصادي خاضع للعرض وللطلب، فلا يجوز حد سعر معين لبضاعة ما؛ لأن بضاعة عن بضاعة تختلف وحاجة عن حاجة تختلف إلى آخره.
ولكن إذا فسد مجتمعٌ ما وخرج عن هذه الوسيلة الأولى .. التربية بالأحكام الشرعية خرجوا عنها، ولم يعودوا يلتزمونها أي: ويحكمون بمقتضى أحكام الإسلام، حينئذٍ للحاكم المسلم أن يُسَعِّر تسعيراً، ليس نابعاً من حكم شخص أو شخصين فقط، وليس لهم معرفة أولاً: بأحكام الإسلام، وثانياً: بنظام الاقتصاد في الإسلام، وثالثاً: بواقع حاجات هذا المجتمع الإسلامي.
وإنما ينبغي أن يكون هناك لجنة أو هيئة أو وزارة تجمع من كل الاختصاصات من أهل العلم، حينئذٍ هؤلاء يدرسون الوضع، فيُسَعِّرون أشياء ويطلقون أشياء على ما هو الأصل.
ولكن هذا لا ينبغي أن يكون نظاماً مستمراً، كما الشأن في بلاد الكفر .. تسعير على طول الخط، لماذا؟ هنا يبدو لكم السر في القسم الأول من التربية الإسلامية: هم ليس عندهم أحكام شرعية يلتزمونها .. ليس عندهم وازع نفسي وقلبي هي التي توجههم الوجهة الصحيحة؛ ولذلك أصبح نظامهم في التسعير بطريقة مستمرة دائماً وأبداً.
الحاكم المسلم كما قلنا في بعض الأحكام السابقة في الجلسة السابقة، أيضاً أن الأصل في كذا وكذا، لكن يجوز أحياناً الخروج عن هذا الأصل بمصلحة، كذلك نقول في التسعير: المُسَعّر هو الله، سبب هذا الحديث لعلي ما ذكرته آنفاً قالوا:«سعر لنا يا رسول الله، قال: الله المسعر» سعر لنا .. وهو الحاكم، قال:«المسعر هو الله» أي: الأصل أن التسعير ينبغي أن يكون هكذا من الله عز وجل، حسبما يرزق العباد كثرةً وقلةً وإلى آخره.
أما الحاكم المسلم، فلا يجوز أن يصير إلى التسعير إلا لظروف خاصة معينة وبهيئة علمية تجمع ذوي الاختصاصات المختلفة، نعم.