الأمر هنا للوجوب وهذا يحتاج إلى بحث، لعلي أتعرض له لأنه في اعتقادي مهم جداً، بغض النظر أن هذا الأمر للوجوب أو للاستحباب، فإنما هذا الأمر أُمر به من دخل المسجد ويريد الجلوس، أما إذا كان لا يريد الجلوس، فغير وارد عليه هذا الأمر؛ لأن للحديث روايتين اثنتين، الرواية الأولى:«إذا دخل أحدكم المسجد فليُصلِّ ركعتين ثم ليجلس» الرواية الأخرى: «فلا يجلس حتى يصلي ركعتين».
إذاً: إذا كان لا يريد الجلوس لأمر ما كهؤلاء العمال والذين يترددون إلى المسجد لأمر ما، وليس للجلوس فيه، فهؤلاء لا يَنْصَبُّ عليهم الأمر المذكور في الحديث، يؤكد هذا حديث أبي قتادة الأنصاري حينما دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، وحوله بعض أصحابه فجلس، فقال له:«يا فلان أصليت ركعتين»؟ قال: لا، قال:«قم فصَلِّ ركعتين» ثم قال عليه السلام الحديث المذكور آنفاً.
وقصة أبي قتادة هذه هي غير قصة سُلَيْك الغطفاني وقصة سليك التي سنذكرها تؤكد أن الأمر المذكور في حديث صلاة التحية في المسجد يؤكد أنه للوجوب وليس للاستحباب، ذلك لأن حديث سُلَيْك كما في صحيح البخاري ومسلم أنه دخل يوم جمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجلس، قال له عليه السلام:«يا فلان أصليت قبل أن تجلس»؟ قال:«قم فصل ركعتين»، ثم تَوَجَّه إلى عامة الجالسين في المسجد وقال:«إذا دخل أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فليصَلِّ ركعتين وليتجوز فيهما». «فليصل لله ركعتين وليتجوز فيهما».
هذا الحديث يؤكد أن تحية المسجد واجبة، ليس أمراً مستحباً فقط.
ووجه الاستدلال لهذا الحديث بأن نتذكر حديثاً آخر ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغوت».
وكُل مُتَفَقِّه في الشرع يعلم أن قول القائل لمن يتكلم يوم الجمعة والخطيب يخطب «أنصت» إنما هو أمر بالمعروف، وأيضاً نعلم أن الأمر بالمعروف واجب، فإذا