الأصلين أصول الفقه وأصول البدعة، يجعل الفقيه الأول يقع في الخطأ إن لم أقل الخطر، وكذلك العكس من كان عالماً بأصول البدعة، ولم يكن عالماً بأصول الفقه، كذلك يكون كالأول يقع في الخطأ إن لم أقل في الخطر.
والبحث ذاك كان طويلاً، ولا أُريد أن أشغل هذه الجلسة بإعادة ذلك البحث، ولكني أريد أن أتوصل إلى أنني تحدثت عن ما يعرف عند الفقهاء بالمصالح المرسلة.
وأقول متحفظاً: حينما أقول الفقهاء فلا أعني عامتهم؛ لأن المسألة فيها اختلاف، من أشهر الفقهاء الذين يقولون بالأخذ بالمصالح المرسلة هم المالكية، ثم يتلوهم الحنابلة.
والشاهد: أن هذه المصالح المرسلة هي قاعدة في الشريعة هامة جداً؛ لأنها تُساعد على استخراج أحكام جديدة لحوادث حديثة، لكن -وهنا الشاهد- من لم يضبط قاعدة الأصلين المذكورين آنفاً: أصول الفقه وأصول البدعة، ربما وقع أيضاً في الخطأ أو الخطر.
المصلحة المرسلة هي تشمل الحوادث والأسباب التي تَجِدّ مع الزمن، ويمكن أن يتوصل بها المسلم وبخاصة الحاكم إلى تحقيق مصالح للمسلمين، فهل هذه الوسائل التي يتحقق بها مصالح المسلمين هي تدخل بعامة أي: كلها في قاعدة المصالح المرسلة؟
الجواب: لا، لابد من التفصيل.
وصل بنا الكلام إلى أن المصالح المرسلة، وهي الأسباب الحادثة التي يُمكن أن يوصل بها أو بشيء منها فائدة ومصلحة للأمة، أن هذه القاعدة وهي المصالح المرسلة، لا يجوز الأخذ بها على إطلاقها، بل لابد من التفصيل، وهو كالتالي:
أولاً: يجب النظر في هذا السبب الحادث، هل كان المقتضي للأخذ به موجوداً في عهده - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ فإن كان موجوداً ويظهر أنه لو طُبِّق حصل منه فائدة، ومع