ذلك فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يأخذ بهذا السبب، حينذاك لا يجوز للمسلمين أن يأخذوا به بدعوى أن فيه مصلحة للأمة، وهذا أمر واضح؛ لأنه لو كانت هذه المصلحة شرعية كان قد جاء بها من نزل عليه الشرع كاملاً، كما قال عليه الصلاة والسلام:«ما تركت شيئاً يُقَرِّبكم إلى الله إلا وأمرتكم به» الحديث.
ومثاله: من الأمثلة المعروفة في كتب الفقه، ومثال آخر نذكره مما حدث في زمننا هذا: أما ما هو معروف في كتب الفقه، ومُنَبّه عليه على أنه لا يُشرع؛ للسبب الذي ذكرته آنفاً وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أخذ به، ألا وهو الأذان لغير الصلوات الخمس، صلاة العيدين مثلاً تعلمون جميعاً أنه لا يؤذن لها، ولو أننا أردنا أن نُحَكِّم تلك العقول التي جعلت الإسلام لباً وقشراً لقالت: إن فيه فائدة، الأذان يوم العيد فيه فائدة، لأن الناس يكونون عادة غافلين عن هذا الوقت، وبخاصة أولئك الناس الذين يَهرعون أو يُهرعون إلى زيارة القبور في الصباح الباكر، يحملون معهم الأغصان الخضراء بزعمهم، فينتهي الكثير منهم عن أداء فريضة صلاة العيد، فلو أنه كان هناك أذان لَنُبِّهوا أحسن تنبيه، فماذا كان موقف الفقهاء جميعهم تجاه هذا الأذان؟
لقد أجمعوا والحمد لله على ما قَلّ ما يجمعوا على مثله وهو أنه بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وليس الأذان لم يكن مشروعاً في ذلك العهد الأول وفي العهود التالية حتى اليوم والحمد لله باتفاق الفقهاء على بدعية الأذان، ولكن لم يكن أيضاً في العهد الأول الأنور ما يقوم مقام الأذان وهو كلمة الصلاة: الصلاة جامعة، أيضاً هذا لم يكن في عهد الرسول عليه السلام.
ومثل صلاة العيدين بل هو أهم منها، حيث يكون الناس إما في غفلتهم وانغماسهم في أعمالهم ودنياهم .. كذلك الأذان لبعض الصلوات التي تُشْرَع لمناسبة يكون الناس فيها في غفلتهم يعمهون، إما أن يكونوا في بيعهم وشرائهم وتجارتهم، أو يكونون غارقين في نومهم، أعني بذلك صلاة الكسوف والخسوف، إذا كسفت